عين تنبع، ولا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا نجم يسري، ولا قمر يجري، ولا شمس تضئ، وعرشه على الماء، غير مستوحش إلى أحد من خلقه، يمجد نفسه ويقدسها كما شاء أن يكون [كان. ر، أ].
ثم بدا أن يخلق الخلق فضرب بزارخ البحور فثار منها مثل الدخان كأعظم ما يكون من خلق الله فبنى بها سماء رتقا، ثم دحى [أ (خ ل): انشق] الأرض من موضع الكعبة و هي وسط [الأرض. أ، ر] فطيقت [ر: فطبقت] إلى [ب: على] البحار، ثم فتقها بالبنيان وجعلها سبعا بعد إذ كانت واحدة ثم استوى إلى السماء وهي دخان من ذلك الماء الذي أنشأه من تلك البحور فخلقها سبعا طباقا بكلمته التي لا يعلمها غيره، وجعل في كل سماء ساكنا من الملائكة خلقهم [مصمتين. ب. أ: مضمنين] معصومين من نور من بحور عذبة وهو بحر الرحمة، وجعل طعامهم التسبيح والتهليل والتقديس.
فلما قضى أمره وخلقه استوى على ملكه فمدح كما ينبغي له أن يمدح [أ، ر:
يحمد]، ثم قدر ملكه فجعل في كل سماء شهب معلقة كواكب كتعليق القناديل من [ب:
في] المساجد مالا يحصيها غيره تبارك وتعالى، والنجم من نجوم السماء كأكبر مدينة في الأرض.
ثم خلق الشمس والقمر فجعلهما شمسين فلو تركهما تبارك وتعالى كما كان [في] ابتدائهما في أول مرة لم يعرف خلقه الليل من النهار ولا عرف الشهر ولا السنة ولا عرف الشتاء من الصيف ولا عرف الربيع من الخريف، ولا علم أصحاب الدين متى يحل دينهم، ولا علم العامل متى ينصرف في معيشته، ومتى يسكن لراحة بدنه، فكان الله تبارك أرأف بعباده وأنظر لهم، فبعث جبرئيل [عليه السلام. ر] إلى إحدى الشمسين فمسح بها جناحه فأذهب منها الشعاع والنور وترك فيها الضوء فذلك قوله: (وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شئ فصلناه تفصيلا) [12 / الاسراء] وجعلهما يجريان في الفلك والفلك يجري فيما بين السماء والأرض مستطيل في السماء استطالته [أ: استطالة] ثلاثة فراسخ يجري في غمرة الشمس والقمر، كل واحد منهما [على عجلة. ر، ب] يقودهما ثلاثمائة ملك بيد كل ملك منها [ر: منها] عروة يجرونها في غمرة ذلك البحر، لهم زجل بالتهليل والتسبيح والتقديس، لو يدن [كل. ب] واحد منها من غمر ذلك البحر لاحترق كل شئ على وجه الأرض حتى الجبال والصخور وما خلق الله من شئ.