وقوله: إن الصحابة كانوا يقولون في عهد أبي بكر: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، إذا اتفق الصحابة على هذا الترتيب، فإنما كان ذلك في الخلافة، أما في التفضيل والفضل، فالخلاف في ذلك معروف معلوم لكل من له علم واطلاع (1).
والمقصود بعد هذا: هو بيان أن رد حديث الثقة الشيعي إذا كان يؤيد مذهبه لم يصدر إلا من النواصب ومن لف حولهم واختار قولهم ودار في فلكهم.
وأما أهل الإنصاف، من أئمة الحديث سلفا وخلفا، فلا يقولون بهذا الهراء الذي لا طائل تحته، والذي يدل على التخريف والتحريف.
ولهذا احتج الشيخان بما رواه الشيعة الثقات من الأحاديث التي تؤيد مذهبهم، كحديث: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى فقد رواه البخاري، من طريق عبيد الله بن موس العبسي، وقد كان شديد التشيع. وكذلك حديث: " لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق " رواه مسلم في " صحيحه "، من طريق عدي بن ثابت، وقد كان شيعيا غاليا، بل كان داعية.
وتبعهم على ذلك بقية الأئمة الذين جمعوا الصحاح وألفوا السنن، فقد رووا في هذه المصنفات العدد الكثير من حديث الشيعة فيما يؤيد مذهبهم، وصرحوا بصحتها أو صحة أكثرها.
وكل هذا يدل على أن ما زاد ه الجوزجاني، وتبعه عليه الجهلة من النواصب ومبغضي آل البيت، مع كون حديث الشيعي الثقة لا يقبل إذا كان يؤيد مذهبه، وينصر رأيه، باطل لا أصل له، ولا يشهد له عقل، ولا يؤيده نظر.
ولولا ضيق الوقت، لذكرنا العدد الكبير من الأحاديث التي رواها الشيعة الثقات فيما يؤيد مذهبهم، وصححها الأئمة، وأخرجوها في كتبهم.