إرغام المبتدع الغبي بجواز التوسل بالنبي (ص) - الحافظ ابن الصديق المغربي - الصفحة ٥٨
بالتشيع، حتى دعاه ذلك إلى الكلام في أهل الكوفة كافة، وأخذ الحذر منهم ومن رواياتهم.
وهذا معروف عنه، مشهور له، حتى نصوا على عدم الالتفات إلى طعنه في الرجال الكوفيين، أو من كان على مذهبهم في التشيع، لأنه خارج عن هوى وتعصب وغرض.
ولأجل ذلك لم يلتفت إلى زيادة هذه في تقييد حديث الثقة الشيعي، بأن لا يكون مؤيدا لمذهبه، أهل الحديث، ولم يعملوا بها، واقتصروا على ما يشهد له العقل من وجوب حديث الراوي إذا كان ثقة ضابطا، بدون أن يكون ذلك القبول مقيدا بباب دون باب، أو معنى دون معنى، لأن ذلك لا يتفق مع شواهد العقل وقواعد النقل.
والألباني لقصوره وجهله، وعدم اطلاعه على ما عليه العمل عند أهل الحديث من قبول رواية الشيعي الثقة، وإن كانت موافقة لمذهبه، صار يستند ويعتمد على ما زاده الجوزجاني من هذا الشرط الباطل الذي لا يؤيده عقل ولا نقل، فيضعف الأحاديث بسببها، ويجعلها حجة على الوضع، وكون الحديث كذبا، كما فعل في حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: " أنا سيد ولد آدم، وعلي سيد العرب ".
فإنه حكم بوضعه في مقدمة كتبها لبعض الرسائل، مستدلا على وضعه بأن روح التشيع واضحة في الحديث.
ولا أدري أين هذا التشيع الذي وضح له من الحديث!؟
مع أن الحديث له شواهد وطرق، وعلى قوله هذا وقاعدته الفارغة ينبغي ألا نقبل حديثا في فضل علي عليه السلام، ولو تواتر، لا سيما إذا كان يخبر بفضل لعلي لا يوجد لغيره من الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - كحديث: (من كنت مولاه، فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه وانصر من نصره).
وهكذا إذا اتبع الانسان كل جاهل، وأجاب كل صارخ، ولم يعمل النظر ويبحث عن الأقوال قبل قائلها، فإنه يرد السنة الصحيحة جملة، ويعطي مع ذلك السلاح لأعداء الدين وملاحدة العصر في رد ما لا يعجبهم ويوافق هواهم من حديث سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم.
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 » »»