فتح الملك العلى - أحمد بن الصديق المغربي - الصفحة ٦٥
الرواية إذا وجدت في الراوي فإما أن يكون هذا الحديث المسمى بالحسن مما قد وجدت فيه هذه الصفات على أقل الدرجات التي يجب معها القبول أو لا. فإن وجدت فذلك صحيح. وإن لم توجد فلا يجوز الاحتجاج به وإن سمي حسنا، اللهم إلا أن يرد هذا إلى أمر اصطلاحي وهو أن يقال: إن الصفات التي يجب معها قبول الرواية لها مراتب ودرجات فأعلاها هو الصحيح، وكذلك وسطها وأدناها هو الحسن، وحينئذ يرجع الأمر في ذلك إلى الاصطلاح ويكون الكل صحيحا في الحقيقة (ا ه‍) فرجع الأمر إلى أن الحديث صحيح على كل الفروض والاحتمالات، وهذا إنما سلكناه تنزلا وإلا فقد علمت من المسلك الأول أن الحديث بمفرده على شرط الصحيح وبالله التوفيق.
(المسلك التاسع): إنه قد تقرر أن من علامة صدق الراوي وصحة حديثه مطابقته للواقع وصدق مخبره، وعلي بن أبي طالب عليه السلام كان أعلم الصحابة على الإطلاق كما هو معلوم مشهور ومستفيض متواتر حتى ضربوا باشتهار علمه المثل للتواتر المعنوي. فقال الحافظ موفق الدين أحمد بن قدامة (1) في أول كتابه " إثبات صفات العلو لله ":
واعلم رحمك الله أنه ليس من شرط صحة التواتر الذي يحصل به اليقين أن يوجد التواتر في جزء واحد، بل متى نقلت أخبار كثيرة في معنى واحد من طرق يصدق بعضها بعضا، ولم يأت ما يكذبها أو يقدح فيها حتى استقر ذلك في القلوب واستيقنه، فقد حصل التواتر وثبت القطع واليقين فإنا نتيقن وجود حاتم وإن كان لم يرد به خبر واحد مرضي الإسناد لوجود ما ذكرنا، وكذلك عدل عمر وشجاعة علي وعلمه عليه السلام (ا ه‍).
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وآله والصحابة والتابعين من

(1) عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي الدمشقي المتوفى 620 شذرات الذهب 5: 88.
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»