فتح الملك العلى - أحمد بن الصديق المغربي - الصفحة ٦٣
(قلنا): الجواب من وجهين:
(الوجه الأول): إن ذلك ليس مطردا في كل الطرق الضعيفة بل هو خاص بنوع منها، وهو ما اشتد ضعفه وكان منكرا فإن طرقه إذا تعددت أوصلته إلى درجة المستور السئ الحفظ فإذا وجد له طريق آخر فيه ضعف قريب محتمل ارتقى بمجموع ذلك من كونه منكرا إلى درجة الحسن كما نص عليه الحافظ وغيره، وأما ما كان في كل طرقه أو أكثرها ضعف قريب فإنه يرتقي بمجموعها إلى درجة الصحيح كالأحاديث المذكورة، لأن الطريق الذي فيه الضعف القريب قد يكون بمفرده حسنا على مذهب كثير من المحدثين كما قدمناه وكما نص عليه ابن الجوزي في " مقدمة الموضوعات " فقال: والأحاديث ستة أقسام، الأول: ما اتفق على صحته البخاري ومسلم وذلك الغاية، الثاني: ما تفرد به البخاري أو مسلم، الثالث: ما صح سنده ولم يخرجه واحد منهما، الرابع: ما فيه ضعف قريب محتمل وهذا هو الحديث الحسن، الخامس: الشديد الضعف الكثير التزلزل، فهذا تتفاوت مراتبه عند العلماء فبعضهم يدنيه من الحسان ويزعم أنه ليس بقوي التزلزل، وبعضهم يرى شدة تزلزله فيلحقه بالموضوعات فصرح بأن الحسن هو ما فيه الضعف القريب المحتمل، فإذا تعددت الطرق به ارتقى إلى الصحيح.
(الوجه الثاني): إن هذا الاختلاف في اللفظ لا في المعنى لأن الحسن من قسم الصحيح حتى كان المنقدمون يدرجونه في أنواعه ولم يكن الحسن عندهم معروفا ولا اسمه بينهم شائعا، وأول من نوه باسمه وأكثر من ذكره الترمذي في جامعه (1) وإن وجد من صرح به من طبقة شيوخه فهو قليل نادر، بل الذي كان متعارفا بينهم أن الحديث قسمان:

(1) أكثر الحافظ الترمذي في جامعه من قوله: صحيح حسن. فيدل هذا على أن الحسن من قسم الصحيح عنده.
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»