الصحيح لغيره بلا خلاف، وهذا مما لا يشك فيه من له خبرة بعلم الحديث ودراية بصناعته، فلا نحتاج إلى ذكر دلائله والإطالة بنصوصهم فيه، وقد قال الحافظ في " القول المسدد " (1) في الكلام على حديث: سدوا كل باب في المسجد إلا باب علي ما نصه: هذا الحديث له طرق متعددة كل طريق منها على انفراده لا تقصر عن رتبة الحسن ومجموعها مما يقطع بصحته على طريقة كثير من أهل الحديث (2).
(المسلك الثامن): إننا لو حكمنا على جميع هذه الطرق والشواهد بالضعف ولم نحكم لشئ منها بالصحة ولا بالحسن، فإن الضعيف الذي هو من هذا القبيل يرتقي إلى درجة الصحيح لأن راويه إنما حكم بصحة حديثه لغلبة الظن بصدقه، والضعيف إذا تعددت طرقه وكثرت شواهده مع تباين مخارجها حصلت غلبة الظن أيضا بصدق خبر المجموع، وإن كانت لا تحصل بخبر كل واحد على انفراده، فاستحق خبرهم الحكم بالصحة كما استحقه خبر الثقة الواحد لوجود غلبة الظن في الجميع، وقد صرحوا بأن المتابعات والشواهد لا يشترط في رواتها أن يكونوا ممن يحتج بهم فقال ابن صلاح: قد يدخل في باب المتابعات والاستشهاد رواية من لا يحتج بحديثه وحده بل يكون معدودا في الضعفاء.
وفي كتاب البخاري ومسلم جماعة من الضعفاء ذكرهم في المتابعات والشواهد (ا ه).
بل اشترط الإمام الرازي وجمع من أهل الأصول في الحديث الذي يحتج بمجموع طرقه أن تكون أفرادها ضعيفة ليحصل الاحتجاج بالمجموع، وأما إذا كان بعضها صحيحا فالاعتماد حينئذ عليه وحده والضعيف مطروح