فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٩٨
عنده لعلمه بأن ما قسم له لا يتصور تخلفه وما لا يقسم لا يمكنه أخذه فاستراح والدنيا لا تزن عندهم جناح بعوضة فلا يرون الزهد عندهم مقاما، وعليه قيل:
تجرد عن مقام الزهد قلبي * فأنت الحق وحدك في شهودي أأزهد في سواك وليس شئ * أراه سواك يا سر الوجود؟
وبينهم من احتقر كل ما في الدنيا مما لم يؤمر بتعظيمه فرآه لشدة حقارته عدما ومنهم من تخلق بأخلاق الله ورأي الوجود كله من شعائر الله فلم يزهد في شئ بل استعمل كل شئ فيما خلق له وهو الكامل وإنما زهد الأنبياء في الدنيا حتى عرضها عليهم تشريعا فإن بداية مقامهم تؤخذ من بعد نهاية الأولياء من زهد ومن لم يزهد فبالنظر لمقامهم لا يزهدون وبالنظر لأممهم يزهدون، وأنشدوا:
الزهد ترك وترك الترك معلوم * بأنه مسك ما في الكف مقبوض الزهد ليس في العلم مرتبة * وتركه عند أهل الجمع مفروض أي لأنه ما ثم إلا تخلق بأخلاق الله وهو لم يزهد في الكون لأنه مدبره ولو تركه لاضمحل في لمحة فيقال للزاهد بمن تخلقت في زعمك ترك الدنيا؟ بل نفسك الخارج من جوفك من الدنيا، فاتركه تموت.
(القضاعي) في مسند الشهاب (عن ابن عمرو) بن العاص ورواه أيضا ابن لآل والحاكم والطبراني والديلمي وغيرهم فعدول المصنف للقضاعي واقتصاره عليه غير جيد.
* حرف السين *
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست