فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٧٠٥
طاعته لا تستطيع له خلافا فإذا أمر العين بالانفتاح انفتحت والرجل بالتحرك تحركت واللسان بالتكلم تكلم وكذا سائر الأعضاء. (هب عن أبي هريرة) ثم قال أعني البيهقي: قال الإمام أحمد هكذا جاء موقوفا ومعناه جاء في حديث النعمان بن بشير مرفوعا اه‍ وعده في الميزان من المناكير.
6192 - (القلس حدث) قال في الفردوس: القلس هو ما يخرج من الحلق شبه القئ يقال قلس إذا قاء فهو قالس وقال الخليل: القلس ما خرج ملء الفم أو دون ذلك فإذا غلب فهو قئ اه‍ وأخذ بذلك الحنفية والحنابلة فقالوا: خروج القئ وغيره من النجاسات من غير السبيلين ينقض الوضوء وأجيب بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم قاء وغسل فمه فقيل له أما تتوضأ فقال حدث القئ غسله أو بأن الحديث منسوخ أو محمول على غسل الفم. (قط) من حديث سوار بن مصعب عن زيد بن علي عن أبيه (عن) جده (الحسن بن علي) أمير المؤمنين، ثم قال أعني الدارقطني: لم يروه عن زيد غير سوار، وسوار متروك اه‍.
6193 - (القناعة مال لا ينفذ) لأن القناعة تنشأ من غنى القلب بقوة الإيمان، ومزيد الإيقان، ومن قنع أمد بالبركة ظاهرا وباطنا لأن الإنفاق منها لا ينقطع إذ صاحبها كلما تعذر عليه شئ قنع بما دونه ورضي فلا يزال غنيا عن الناس ولهذا كان ما يقنع به خير الرزق كما في الخبر السابق ومن قنع بما قسم له كانت ثقته بالله التي شأنها أن لا تنقطع لتأكد الوثاقة كنز له لا ينفذ إمداده، ولهذا قال لقمان لابنه: يا بني الدنيا بحر عميق غرق فيه ناس كثير، فاجعل سفينتك فيها القناعة.
(تنبيه) سئل بعض الصوفية عن مقام القناعة هل يطلب من ربه القناعة بما أعطاه الحق له من معرفته كما يقنع بنظيره من القوت؟ فأجاب بأن القناعة المطلوبة خاصة بأمور الدنيا لئلا يشتغل بكثرتها عن آخرته، لكونه مجبولا على الشح، وأما القناعة من المعرفة بالقليل فمذمومة بنص آية * (وقل رب زدني علما) * أي بك وبأسرار أحكامك لا زيادة من التكاليف فإنه كان يكره السؤال في الأحكام، وأنشد يقول:
إن القناعة باب أنت داخله * إن كنت ذاك الذي يرجى لخدمته فاقنع بما أعطت الأيام من نعم * من الطبيعة لا تقنع بنعمته لو كان عندك مال الخلق كلهم * لم يأكل الشخص منه غير لقمته وأنشد يقول:
لا تقنعن بشئ دونه أبدا * وأشره فإنك مجبول على الشره واحرص على طلب العلياء تحظ بها * فليس نائم ليل مثل منتبه وقال أبو العتاهية:
تسربلت أخلاقي قنوعا وعفة * فعندي بأخلاقي كنوز من الذهب
(٧٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 700 701 702 703 704 705 706 707 708 709 710 ... » »»
الفهرست