فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٧٠٨
وقال الشهاب الحجازي: فلم أجد أحدا أجاب فقلت لقد كاد هذا اللغز يصدئ فكرتي * وما كدت أشفى غلتي بورود وهذا جواب يرتضيه ذوو النهى * وممتنع عن فهم كل بليد وهذا الجواب لغز أيضا فأوضحه بعضهم بقوله:
أشار الحجازي الإمام الذي حوى * علو ما زكت من طارف وتليد إلى كاد إفصاحا لذي الفضل والنهى * وأبهم إبعادا لكل بليد (خط) في ترجمة محمد البزدوي (عن أنس) وفيه يزيد الرقاشي متروك، والربيع بن صبح ضعفه ابن معين وغيره ومن ثم أورده ابن الجوزي في الواهيات وقال: لا يصح.
6199 - (كاد الفقر) أي الفقر مع الاضطرار إلى ما لا بد منه كما ذكره الغزالي (أن يكون كفرا) أي قارب أن يوقع في الكفر لأنه يحمل على حسد الأغنياء، والحسد يأكل الحسنات وعلى التذلل لهم بما يدنس به عرضه ويلثم به دينه وعلى عدم الرضا بالقضاء وتسخط الرزق وذلك إن لم يكن كفرا فهو جار إليه ولذلك استعاذ المصطفى صلى الله عليه وسلم من الفقر، وقال سفيان الثوري: لأن أجمع عندي أربعين ألف دينار حتى أموت عنها أحب إلي من فقر يوم وذلي في سؤال الناس قال: ووالله ما أدري ماذا يقع مني لو ابتليت ببلية من فقر أو مرض فلعلي أكفر ولا أشعر فلذلك قال: كاد الفقر أن يكون كفرا لأنه يحمل المرء على ركوب كل صعب وذلول وربما يؤديه إلى الاعتراض على الله والتصرف في ملكه كما فعل ابن الراوندي في قوله:
كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه * وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا هذا الذي ترك الأوهام حائرة * وصير العالم التحرير زنديقا والفقر نعمة من نعم الله إلى الإنابة والالتجاء إليه والطلب منه وهو حلية الأنبياء ورتبة الأولياء وزي الصلحاء ومن ثم ورد خبر: إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين، فهو نعمة جليلة بيد أنه مؤلم شديد التحمل (تنبيه) قال الغزالي: هذا الحديث ثناء على المال ولا تقف على وجه الجمع بين المدح والذم إلا بأن تعرف حكمة المال ومقصوده وإفادته وغوائله حتى ينكشف لك أنه خير من وجه شر من وجوه وليس بخير محض ولا بشر محض بل هو سبب للأمرين معا يمدح مرة ويذم مرة، والبصير المميز يدرك أن المحمود منه غير المذموم (وكاد الحسد أن يكون سابق القدر) أي كاد الحسد في قلب الحاسد أن يغلب على العلم بالقدر فلا يرى أن النعمة التي حسد عليها أنها صارت إليه بقدر الله وقضائه كما أنها لا تزول إلا بقضائه وقدره وغرض الحاسد زوال نعمة المحسود ولو تحقق القدر لم يحسده واستسلم وعلم أن الكل بقدر
(٧٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 703 704 705 706 707 708 709 710 711 712 713 ... » »»
الفهرست