فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٦٣٥
استقلاله واستغنائه ومثلهما بالرداء والإزار إدناء للمتوهم من المشاهد وإبرازا للمعقول في صورة المحسوس فلما لا يشارك الرجل في ردائه وإزاره لا يشارك الباري في هذين فإنه الكامل المنعم المنفرد بالبقاء وما سواه ناقص محتاج على صدد الفناء * (كل شئ هالك إلا وجهه) * وكل مخلوق استعظم نفسه واستعلى على الناس فهو مزور ينازع رب العزة في حقه مستوجب لأقبح نقمه وأفظع عذابه أعاذنا الله منه ومن موجبه. (ك عن أبي هريرة).
6035 - (قال الله تعالى: الكبرياء ردائي والعز إزاري من نازعني في شئ منهما عذبته) أي عاقبته وأصله الضرب ثم استعمل في كل عقوبة، وقال حجة الإسلام: معناه أن العظمة والكبرياء من الصفات التي تختص بي ولا تنبغي لأحد غيري كما أن رداء الإنسان وإزاره يختص به لا يشارك فيه، وفيه تحذير شديد من الكبر، ومن آفاته حرمان الحق وعمى القلب عن معرفة آيات الله وفهم أحكامه والمقت والبغض من الله وأن خصلة تثمر لك المقت من الله والخزي في الدنيا والنار في الآخرة، وتقدح في الدين لحري أن تتباعد عنها، وقال ابن عربي: عجبا للمتكبر وهو يعلم عجزه وذلته وفقره لجميع الموجودات وأن قرصة النملة والبرغوث تؤلمه، والمرحاض يطلبه لدفع ألم البول والحزاة عنه ويفتقر إلى كسرة خبز يدفع بها ألم الجوع عن نفسه فمن صفته هذه كل يوم وليلة كيف يصح أن يدخل قلبه كبرياء ما ذاك إلا للطبع الإلهي على قلبه. (سمويه عن أبي سعيد) الخدري (وأبي هريرة) ورواه بنحوه أبو داود وابن ماجة أيضا.
6036 - (قال الله تعالى: أحب عبادي) أي الصوام (إلي أعجلهم فطرا) أي أكثرهم تعجيلا للإفطار إذا تيقن الغروب لما فيه من الانقياد لأمر الشارع وسرعة ائتماره بأمره بمسارعة فطره ولأنه إذا أفطر قبل الصلاة تمكن من أدائها بتوفر خشوع وحضور قلب أو المراد أحب عبادي إلي من يخالف المبتدعة الزاعمين أن تأخير الفطر لاشتباك النجوم أفضل إذ المراد جميع هذه الأمة الذين يتدينون بتأخير الفطر أي هي أحب إلي ممن قبلهم من الأمم والفضل للمتقدم وفيه إشارة إلى تحريم الوصال علينا لاقتضاء الخبر كراهة تأخير الفطر فكيف بتركه. (حم ت حب عن أبي هريرة) قال الترمذي: حسن غريب اه‍. وفيه مسلم بن علي الخشني قال في الميزان: شامي واه، وقال البخاري: منكر الحديث والنسائي: متروك وابن عدي: حديثه غير محفوظ ثم ساق له هذا الخبر.
6037 - (قال الله تعالى: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء) يعني
(٦٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 630 631 632 633 634 635 636 637 638 639 640 ... » »»
الفهرست