فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٦٢٤
كذا لولا العناية الإلهية والتفضل الرباني لما وقع الاشتراك في المناجاة بقوله قال لي وقلت (فإذا قال الرحمن الرحيم) أي الموصوف بكمال الإنعام (قال الله أثنى علي عبدي) لاشتمال اللفظين على الصفات الذاتية والفعلية (فإذا قال مالك يوم الدين قال مجدني عبدي) عظمني (فإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين قال هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل) فالذي للعبد منها * (إياك نعبد) * أي والذي لله * (إياك نستعين) * (فإذا قال اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال هذا لعبدي) أي خاص به (ولعبدي ما سأل) قال الطيبي: السورة في هذا التقدير أثلاث وقال في الثلث الأول حمدني وأثنى علي فأضافهما إلى نفسه وقال في الثلث الآخر هذا لعبدي ولعبدي ما سأل فخصه بالعبد وفي الوسط جمع بينهما وقال هذا بيني وبين عبدي قال العارف البوبي: وإذا حققت وجدت الآيات كلها لله تعالى فإنك إنما عبدته بإرادته ومعونته إذ العبد لا حول له ولا قوة ولا إرادة إلا بحوله تعالى وإرادته. وقال البخاري في خلق الأعمال: قد بين بهذا الحديث أن القراءة غير المقروء فالقراءة هي التلاوة والتلاوة غير المتلو فبين أن سؤال العبد غير ما يعطيه الله وأن قول الغير غير كلام الرب هذا من العبد الدعاء والتضرع ومن الله الأمر والإجابة فالقرآن كلام الرب والقراءة فعل العبد اه‍ وقال ابن عربي: فيه أن القراءة في الصلاة لا تجزى إلا بأم القرآن لأنه تعالى بين أنه لا يناجى إلا بكلامه وبالجامع من كلامه والأم هي الجامعة فالحديث القدسي مفسر لما تيسر من القرآن (تنبيه) قال بعض العارفين: من كان في صلاته يشهد الغير معرى عن شهود الحق فيه فليس بمصل فلا يكون مناجيا والحق لا يناجى في الصلاة بالألفاظ بل بالحضور فالقائل الحمد لله بغير حضور مع الله لسانه لا عينه فيقول الله عند ذلك حمدني لسان عبدي لا عبدي فإن حضر قال حمدني عبدي المفروض عليه مناجاتي فالعبد إذا حضر تضمن اللسان وسائر الجوارح وإذا لم يحضر لم تقم عنه جارحة من جوارحه ولا من غير نفسها اه‍ قال القاضي: وهذا الحديث يدل على فضل الفاتحة لا وجوبها إلا أن يقال قسمت الصلاة من حيث إنها عامة شاملة لأفراد الصلاة كلها في معنى قولنا كل صلاة مقسومة على هذا الوجه ويلزمه أن كل ما لا يكون مقسوما هكذا لا يكون صلاة والخالي عن الفاتحة لا يكون مقسوما على هذا الوجه فلا يكون صلاة. (حم م عن أبي هريرة) وسبب هذا كما في مسلم أن أبا هريرة حدث عن المصطفى صلى الله عليه وسلم من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج غير تمام فقيل له إنما نكون وراء الإمام فقال اقرأها في نفسك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله قسمت إلخ قال ابن حجر: وليس هو على شرط البخاري فلذلك لم يخرجه لكنه أشار إليه فيه.
(٦٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 619 620 621 622 623 624 625 626 627 628 629 ... » »»
الفهرست