فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٦٣٢
الشمني بديهة بأن صنع الأشياء الدقيقة فيه صعوبة والأمر بمعنى التعجيز فناسب الترقي من الأعلى للأدنى فاستحسنه الحافظ ابن حجر وزاد في إكرام الشيخ وإشهار فضيلته. (حم ق) في اللباس (عن أبي هريرة) قال: دخلت دارا بالمدينة أي لمروان بن الحكم فإذا أعلاها مصور بصور فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول فذكره.
6028 - (قال الله تعالى لا يأتي ابن آدم) بالنصب مفعول مقدم وفاعله (النذر) بفتح النون وحكاية عياض ضمها غلط أو خلل من ناسخ (بشئ لم أكن قد قدرته) يعني النذر لا يأتي بشئ غير مقدر (ولكن يلقيه النذر إلى القدر) بالقاف في يلقيه والقدر بفتح القاف ودال مهملة أي إن صح أن القدر هو الذي يلقي ذلك المطلوب ويوجده لا النذر فإنه لا دخل له في ذلك وفي رواية يلقيه بالفاء (وقد قدرته له) أي النذر لا يصنع شيئا وإنما يلقيه إلى القدر فإن كان قدر وقع وإلا فلا (أستخرج به من البخيل) قال النووي: معناه أنه لا يأتي بهذه القربة تطوعا مبتدأ بل في مقابلة بنحو شفاء مريض مما علق النذر عليه وقال الزين العراقي: يحتمل أن يريد النذر المالي لأن البخل إنما يستعمل غالبا في البخل بالمال وأن يريد كل عبادة كما في خبر أبخل الناس من بخل بالسلام (فيؤتيني عليه ما لم يكن يؤتيني من قبل) يعني أن العبد يؤتي على تحصيل مطلوبه ما لم يكن أتاه من قبل تحصيل مطلوبه ففيه إشارة إلى ذم ذلك قال الخطابي: وفي قوله أستخرج إشارة لوجوب الوفاء. (حم خ ن عن أبي هريرة).
6029 - (قال الله تعالى إذا تقرب إلي العبد) أي طلب قربة مني بالطاعة (شبرا) أي مقدارا قليلا (تقربت إليه ذراعا) أي أوصلت رحمتي إليه قدرا أزيد منه وكلما زاد العبد قربا زاده الله رحمة (وإذا تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا) معروف وهو قدر مد اليدين (وإذا أتى إلي مشيا أتيته هرولة) وهو الإسراع في المشي أي أوصل إليه رحمتي بسرعة قال النووي: معناه من تقرب إلي بطاعتي تقربت إليه برحمتي وإن زاد زدت فإن أتاني يمشي وأسرع في طاعتي أتيته هرولة أي صببت عليه الرحمة وسبقته بها ولم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود وقال في المطامح: الذراع والباع والشبر والهرولة ونحوها مقامات وأحوال مختلفة في الإجابة بحسب اختلاف درجات الخلق عند الحق سبحانه وقال القاضي: العبد لا يزال يتقرب إلى الله تعالى بأنواع الطاعات وأصناف الرياضات ويترقى من مقام إلى آخر أعلى منه حتى يحبه فيجعله مستغرقا بملاحظة جناب قدسه بحيث ما لاحظ شيئا إلا لاحظ ربه فما
(٦٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 627 628 629 630 631 632 633 634 635 636 637 ... » »»
الفهرست