فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٦٣٨
سنة) وهو أحسن العمر واستكمال الشباب واستجماع القوة (عافيته من البلايا الثلاث من الجنون والبرص والجذام) لأنه عاش في الإسلام عمرا تاما ليس بعده إلا الإدبار فثبت له من الحرمة ما يدفع به عنه هذه الآفات التي هي من الداء العضال (وإذا بلغ خمسين سنة حاسبته حسابا يسيرا) لأن الخمسين نصف أرذل العمر الذي يرتفع ببلوغه الحساب جملة فببلوغ النصف الأول يخفف حسابه وخفة الحساب في الدنيا ألا ينزع منه البركة ولا يحرمه الطاعة ولا يخذله (وإذا بلغ ستين سنة) وهو عمر التذكر والتوفيق الذي قال الله تعالى فيه * (أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر) * (حببت إليه الإنابة) أي الرجوع إليه لكونه مظنة انتهاء العمر غالبا (وإذا بلغ سبعين سنة أحبته الملائكة) لأنه شهر حبه فيهم كما يقال هذا عبد قد كان في عبودية مولاه حفيا لم يأبق منه ولم يول عنه حتى شاخ في الإسلام وذهبت فيه قوته (وإذا بلغ ثمانين سنة) وهو الخرف (كتبت حسناته وألقيت سيئاته) لأن تعميره في الإسلام ضعف الأربعين أوجب له هذه الحرمة (وإذا بلغ تسعين سنة) وهو الفناء وقد ذهب أكثر العقل وهو منتهى أعمار هذه الأمة غالبا (قالت الملائكة أسير الله في أرضه) لأنه عجز وهو في ربقة الإسلام كأسير في وثاق لا يستطيع براحا (فغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ويشفع في أهله) تمامه عند مخرجه الحكيم فإذا بلغ أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا كتب له ما كان يعمل في صحته من الخير وإن كان عمل سيئة لم تكتب اه‍ وحذف المصنف له غير جيد ثم قال الحكيم: هذا من جيد الحديث وقد أتت روايات أخر وليس فيها حكاية عن الله وهذا حديث يخبر عن حرمة الإسلام وما يوجب الله لمن قطع عمره مسلما من الإكرام ومثال هذا موجود في خلقه ترى الرجل يشتري عبدا فإذا أتت عليه ستون سنة فيقول قد طالت صحبة هذا وعتق عندنا فترفع عنه بعض العبودية وتخفف عنه في ضريبته فإذا زادت مدة صحبته زيد رفقا وعطفا والعبد لا يخلو من تخليط وإساءة فمولاه لطول صحبته لا يمنعه رفقه ورفده ولا يتعبه فإذا شاخ أعتقه. (الحكيم) الترمذي (عن عثمان) بن عفان وفيه مجهول وضعيف.
6043 - (قال الله تعالى إذا وجهت إلى عبد من عبيدي مصيبة) أي شدة وبلاء (في بدنه أو في ولده أو في ماله فاستقبله بصبر جميل استحييت يوم القيامة أن أنصب له ميزانا أو أنشر له ديوانا) أي أترك النصب والنشر ترك من يستحي أن يفعلهما لما مر أنه سبحانه إذا وصف بالاستحياء فالمراد به الشئ اللازم لانقباض النفس كما أن المراد من رحمته وغضبه إصابة المعروف والمكروه اللازمين لعينهما
(٦٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 633 634 635 636 637 638 639 640 641 642 643 ... » »»
الفهرست