فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٦٣٤
مع اسمه في وجه انتظام الحروف الأصلية إذ النون زائدة والرحم مخلوقة محدثة وهو تعالى خالق غير محدث وفيه تنبيه على وهم الملحدة في قولهم هذا نسب بين الله وبين الرحم تعالى الله عما يقولون إذ جعلوا بينه وبين الرحم والنسب وإنما قالها على سبيل التشريف كما أنه جعل العبد قادرا عالما إلى آخر الصفات ولم يكن ذلك نسبا ولا تشبيها (فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته) أي من راعى حقوقها راعيت حقه ووفيت ثوابه ومن قصر لها قصرت به في ثوابه ومنزلته (ومن بتها بتته) أي قطعته لأن البت القطع فعطفه على ما قبلها تأكيد والمراد بالرحم التي يجب مواصلتها كل قريب ولو غير محرم كما مر غير مرة (حم خ د) في الزكاة (ت) في البر (ك) في البر والصلة (عن عبد الرحمن بن عوف) قال الحاكم:
صحيح وأقره الذهبي (ك عن أبي هريرة) قال المنذري: في تصحيح الترمذي نظر فإن أبا سلمة لم يسمع من أبيه وبينه تلميذه الهيثمي.
6033 - (قال الله تعالى الكبرياء ردائي والعظمة إزاري) أي أنه خاص صفتي فلا يليق إلا بي فالمنازع فيه منازع في صفة من صفاتي فإذا كان الكبر على عباده لا يليق إلا به فمن تكبر على عباده فقد جني عليه ذكره الغزالي. قال الكلاباذي: الرداء عبارة عن الجمال والبهاء والإزار عبارة عن الجلال والستر والحجاب فكأنه قال لا تليق الكبرياء إلا بي لأن من دوني صفات الحدوث لازمة له وسمة العجز ظاهرة عليه والإزار عبارة عن الامتناع عن الإدراك والإحاطة به علما وكيفية لذاته وصفاته فكأنه قال حجبت خلقي عن إدراك ذاتي وكيفية صفاتي بالجلال والعظمة (فمن نازعني واحدا منهما) أي جاذبني إياه (قذفته) أي رميته وفي رواية أدخلته (في النار) لتشوفه إلى ما لا يليق إلا بالقادر القهار القوي الجبار الغني العلي سبحانه * (ليس كمثله شئ) * قال في الحكم: كن بأوصاف ربوبيته متعلقا وبأوصاف عبوديتك متحققا منعك أن تدعي ما ليس لك مما للمخلوقين أفيبيح لك أن تدعي وصفه وهو رب العالمين؟ وقد أفاد هذا الوعيد أن التكبر والتعاظم من الكبائر. (حم د ه عن أبي هريرة ه عن ابن عباس) تبع في عزوه لأبي داود الأشبيلي. قال في المنار: ولا أعرفه عند أبي داود وهو عند مسلم من حديث أبي هريرة وأبي سعيد بقريب من هذا اللفظ وهو قوله رداءه.
6034 - (قال الله تعالى: الكبرياء ردائي فمن نازعني ردائي قصمته) أي أذللته وأهنته أو قربت هلاكه. قال الزمخشري: هذا وارد عن غضب شديد ومناد على سخط عظيم، لأن القصم أفظع الكسر وهو الكسر الذي بين تلازم الأجزاء بخلاف الكسر، وقال القاضي: والكبرياء الكبر وهو الترفع على الغير بأن يرى لنفسه عليه شرفا، والعظمة كون الشئ في نفسه كاملا شريفا مستغنيا فالأول أرفع من الثاني إذ هو غاية العظمة فلذا مثله في الرداء، وقيل الكبرياء الترفع عن الانقياد وذلك لا يستحقه إلا الحق فكبرياء ألوهيته التي هي عبارة عن استغنائه عما سواه وعظمة وجوبه الذاتي الذي هو عبارة عن
(٦٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 629 630 631 632 633 634 635 636 637 638 639 ... » »»
الفهرست