فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٦٢٣
كره لقاءه (أحببت لقاء) أي أردت له الخير ومن أحب لقاء الله أحب التخلص إليه من الدار ذات الشوائب كما قال علي كرم الله وجهه لا أبالي سقطت على الموت أو سقط الموت علي (وإذا كره لقائي كرهت لقاءه) قال الزمخشري: مثل حاله بحال عبد قدم على سيده بعد عهد طويل وقد اطلع مولاه على ما كان يأتي ويذر فإما أن يلقاه ببشر وترحيب لما رضي من أفعاله أو بضد ذلك لما سخط منها اه‍ وقيل لأبي حازم: مالنا نكره الموت قال: لأنكم أخربتم آخرتكم وعمرتم دنياكم فكرهتم الانتقال من العمران إلى الخراب ولما احتضر بشر فرح فقيل له: أتفرح بالموت قال: تجعلون قدومي على خالق أرجوه كمقامي مع مخلوق أخافه؟
(تنبيه) قال ابن عربي: من نعت محب الله أنه موصوف بأنه مقتول تالف سائر إليه بأسمائه طيار دائم السهر كامن الغم راغب في الخروج من الدنيا إلى لقاء محبوبه متبرم بصحبة ما يحول بينه وبينه كثير التأوه يستريح إلى كلام محبوبه خائف من ترك الحرمة في إقامة الخدمة يعانق طاعة محبوبه ويجانب مخالفته خارج عن نفسه بالكلية لا يطلب الدية في قتله يصبر على الضراء هائم القلب متداخل الصفات ما له نفس معه ملتذ في دهش لا يقبل حبه الزيادة بإحسان المحبوب ولا النقص بجفائه الناس حظه مخلوع النعوت مجهول الأسماء لا يفرق بين الوصل والهجر مصطلم مجهود مهتوك الستر سره علانية فضحه لا يعلم الكتمان. (مالك) في الموطأ (ن خ عن أبي هريرة).
6019 - (قال الله تعالى قسمت الصلاة) أي قراءتها بدليل تفسيره بها قاله المنذري يعني الفاتحة سميت بذلك لأنها لا تصح إلا بها كقوله الحج عرفة وقيل من أسماء الفاتحة الصلاة فهي المعينة في الحديث (بيني وبين عبدي) وقدم تعالى نفسه في البينية فقال أولا بيني لأنه الواجب الوجود لنفسه وإنما استفاد العبد الوجود منه (نصفين) باعتبار المعنى لا اللفظ لأن نصف الدعاء من قوله * (وإياك نستعين) * يزيد على نصف الثناء أو المراد قسمين والنصف قد يراد به أحد قسمي الشئ أي نصف عباده إلى * (مالك يوم الدين) * وهو حق الرب ونصف مناله إلى آخرها وهو حق العبد ولا ضمير في زيادة كلمات أحد القسمين على الآخر لأن كل شئ تحته نوعان أحدهما نصف له وإن لم يتحسد عددهما (ولعبدي ما سأل) أي له السؤال ومني الإعطاء ف‍ * (الحمد لله رب العالمين) * آية * (الرحمن الرحيم) * آية ثانية * (مالك يوم الدين) * ثالثة * (إياك نعبد وإياك نستعين) * رابعة * (اهدنا الصراط المستقيم) * خامسة * (صراط الذين أنعمت عليهم) * سادسة * (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) * سابعة فثلاث آيات لله تعالى وثلاث للعبد وواحدة بين العبد ومولاه فالتي لله هي الثلاث الأول وحينئذ (فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين) تمسك به من لا يرى البسملة منها لكونه لم يذكرها وأجيب بأن التنصيف يرجع إلى جملة الصلاة لا إلى الفاتحة (قال الله تعالى حمدني عبدي) أي مجدني وأثنى علي بما أنا أهله قال ابن عربي: ومن هو العبد حتى يقول الله سبحانه وتعالى يقول العبد كذا فيقول الله
(٦٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 618 619 620 621 622 623 624 625 626 627 628 ... » »»
الفهرست