جبريل إنما ينظر ما أعد لعامتهم ولهذا قال بعض العارفين: المراد هنا التجليات الإلهية التي يتفضل بها الحق في الآخرة على خواصه لأنها نعم خالقيات وأما النعم الخلقيات التي أخبر بها النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في جنة النعيم فقد رأتها الأعين وسمعتها الآذان وخطرت على قلوب البشر وإلا لما أخبرها أحد وأما التجليات الإلهية التي يتفضل بها الحق في الآخرة على خواصه فما رأتها عين ولا سمعت حقيقتها أذن ولا خطرت على قلب بشر إذ كل ما يخطر بالبال أو يمر بالخيال فالله بخلافه بكل حال وظاهر كلام المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته في صحيح مسلم ثم قرأ * (فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين) * لا تعلم النفوس كلهن ولا نفس واحدة منهن لا ملك مقرب ولا نبي مرسل أي نوع عظيم من الثواب ادخر لأولئك وأخفي عن الخلق وفي رواية لمسلم عقيب قوله ولا خطر على قلب بشر ما نصه ذخر آبله ما أطلعكم الله عليه ثم قرأ * (فلا تعلم نفس) * الآية اه وزعم بعضهم أن قراءة الآية من قول أبي هريرة لا المرفوع وسياق مسلم يرده (تنبيه) في قوله أعددت دليل على أن الجنة مخلوقة الآن وقول الطيبي تخصيص البشر لأنهم الذين ينتفعون بما أعد لهم ويهتمون بشأنه بخلاف الملائكة عورض بما زاده ابن مسعود في حديثه الذي رواه ابن أبي حاتم ولا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل. (حم ق ت ه عن أبي هريرة) وفي الباب أنس وغيره.
6017 - (قال الله تعالى إذا هم عبدي بحسنة) أي أرادها مصمما عليها عازما على فعلها (ولم يعملها) لأمر عاقه عنها (كتبت له حسنة) أي كتبت الحسنة التي هم بها ولم يعملها كتابة واحدة لأن الهم سببها وسبب الخير خير فوقع حسنة موقع المصدر (فإن عملها كتبتها له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف وإذا هم بسيئة ولم يعملها لم أكتبها عليه) أي إن تركها خوفا منه تعالى ومراقبة له بدليل زيادة مسلم إنما تركها من جرائي أي من أجلي وإن تركها لأمر آخر صده عنها فلا (فإن عملها كتبتها سيئة واحدة) أي كتبت له السيئة كتابة واحدة عملا بالفضل في جانبي الخير والشر ولم يقل له مؤكدا لها لعدم الاعتناء بها المفاد من الحصر في قوله * (ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها) *. (ق ت عن أبي هريرة).
6018 - (قال الله تعالى إذا أحب عبدي لقائي) أي الموت وقال ابن الأثير: المصير إلى الآخرة وطلب ما عند الله وليس المراد الموت لأن كلا يكرهه فمن ترك الدنيا وأبغضها أحب لقاء الله ومن آثرها