فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٦١٧
ويسأل المعافاة ويستعين بالله على قضائه * (فنعم المولى ونعم النصير) * فإن قيل الشر والمعصية بقضاء الله فكيف يرضى به العبد قلنا الرضى إنما يلزم بالقضاء وقضاء الشر ليس بشر بل الشر المقضي قالوا والمقضيات أربعة نعمة وشدة وخير وشر فالنعمة يجب الرضى فيها بالقاضي والقضاء والمقضي ويجب الشكر عليها والشدة يجب الصبر عليها والخير يجب الرضى فيه بالقاضي والمقضي ويجب عليه ذكر المنة من حيث أنه وفقه له والشر يجب فيه الرضا بالقاضي والقضاء والمقضي من حيث إنه مقضي لا من حيث إنه شر (تنبيه) قال في شرح العوارف: أول ما كتب الله في اللوح المحفوظ إلى أنا الله لا إله إلا أنا من لم يرض بقضائي ولم يشكر نعمائي ولم يصبر على بلائي فليطلب ربا سواي. (طب) وكذا الديلمي (عن أبي هند الداري) نسبة إلى الدار بن هانئ واسمه يزيد بن عبد الله بن رزين صحابي سكن فلسطين ومات ببيت جبرين وهو أخو تميم الداري لأمه قال الحافظ العراقي: إسناده ضعيف جدا وبينه تلميذه الهيثمي فقال: فيه سعيد بن زياد قال الذهبي: متروك وأورده في اللسان في ترجمة سعيد من حديثه عن هند وقال الأزدي: متروك وساق ابن حبان له هذا وقال: لا أدري البينة منه أو من أبيه أو من جده.
6010 - (قال الله تعالى من لم يرض بقضائي وقدري فليلتمس ربا غيري) أي ولا رب إلا الله فعلى العبد الرضى بقضائه وإحسان الظن به وشكره عليه فإن حكمته واسعة وهو بمصالح العباد أعلم وغدا يشكره العباد على البلايا إذا رأوا ثواب البلاء كما يشكر الصبي بعد البلوغ مؤدبه على ضربه وتأديبه والبلاء تأديب من الله وعنايته لعباده أتم وأوفر من عناية الآباء بأبنائهم روي أن بعض الأنبياء شكى إلى ربه الجوع والقمل عشر سنين فأوحى إليه كم تشكو؟ هكذا كان بدؤك عندي قبل أن أخلق السماوات والأرض هكذا قضيت عليك قبل أن أخلق الدنيا أفتريد أن أغير خلق الدنيا لأجلك أم أبدل ما قدرت عليك فيكون ما تحب فوق ما أحب؟ وعزتي وجلالي لئن تلجلج في صدرك هذا مرة أخرى لأمحونك من ديوان الأنبياء. (هب عن أنس).
6011 - (قال الله تعالى الصيام جنة يستجن بها العبد من النار وهولي وأنا أجزي به) صاحبه بأن أضاعف له الجزاء بلا حساب لأن فيه الإعراض عن لذات الدنيا والنفس وحظوظها ومن أعرض عنها ابتغاء وجه الله لم يجعل بينه وبينه حجاب واعلم أن الصوم من أخص أوصاف الربوبية إذ لا يتصف به على الكمال إلا الله فإنه يطعم ولا يطعم فإضافته إلى نفسه بقوله وأنا أجزي به لكونه لا يتصف به أحد على الحقيقة إلا هو لأنه الغني عن الأكل أبد الآبدين ومن سواه لا بد له منه حتى الملائكة فإن طعامهم التسبيح والأذكار وشرابهم المحبة الخالصة والمعارف والعلوم الصافية من الأكدار ومن عداهم طعامهم
(٦١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 612 613 614 615 616 617 618 619 620 621 622 ... » »»
الفهرست