فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٥٧٤
5875 - (فضل حملة القرآن على الذي لم يحمله كفضل الخالق على المخلوق) فأفهم الناس من وهبه الله فهما في كلامه ووعيا في كتابه ففي علمه يندرج كل علم من أصناف العلوم ففيه تفصيل كل شئ قال الحكيم: وهذا فيمن حمل القرآن فأقامه على ما أنزل من ربه وعمل بأمره ونهيه ووعده ووعيده فإذا مر في تلاوته بذكر الجنة حن إليها وعمل عليها للقائه في داره والنظر إليه وإذا مر بذكر النار التي هي سجنه أشفى صدره من أعدائه لما أعد لهم وإذا مر بذكر القرون فرأى نصرة الأولياء ونقمة الأعداء فرح بنصرة الأولياء وشمت بنقمة الأعداء وإذا مر بضرب الأمثال صار قلبه مرآة قد عاينت ما وصف له فكأنه مشاهده بقلبه فزاده إيمانا مع إيمانه وإذا مر بحججه الدامغة للباطل قوي بها وازدادت بصيرته وإذا مر باللطائف وعلائم الرقة والرحمة ازداد علما بالله وبمنازل العباد منه وإذا مر بمحض التوحيد والفردية لهى عن كل ما سواه وانفرد به تعلقا بفرديته فمن هذا شأنه فهو المراد هنا وأما ذو التخليط الذي إنما يقرؤه مع كدورة النفس وضيقها وتعسرها وتكدرها ونفسه شهوانية ثقيلة في ائتماره بطيئة عن المسارعة إلى الخيرات متحملة أثقال التكليف ملجمة بالوحيد ولولاه لركضت به نفسه في ميادين الحائرين فأجنبي من هذا المقام. (فر عن ابن عباس) وفيه محمد بن تميم الغرياني قال الذهبي:
قال ابن حبان كان يضع الحديث والحكم بن أبان قال ابن المبارك: ارم به ورواه ابن لآل وعنه أورده الديلمي فكان عزوه إلى الأصل أولى.
5876 - (فضل الثريد على الطعام كفضل عائشة على النساء) ضرب المثل بالثريد لأنه أفضل طعامهم ولأنه ركب من خبز ولحم ومرقة ولا نظير له في الأطعمة ثم إنه جامع بين الغداء واللذة والقوة وسهولة التناول وقلة المؤونة في المضغ وسرعة المرور في الحلقوم فخص المثل به إيذانا بأنها جمعت مع حسن الخلق حسن الخلق وحسن الحديث وحلاوة المنطق وفصاحة اللهجة وجودة القريحة ورزانة الرأي ورصانة العقل والتحبب للبعل ومن ثم عقلت منه ما لم يعقل غيرها من نسائه وروت عنه ما لم يرو مثلها من الرجال إلا قليلا قال ابن القيم: الثريد وإن كان مركبا فإنه مركب من خبز ولحم فالخبز أفضل الأقوات واللحم سيد الإدام فإذا اجتمعا لم يكن بعدهما غاية وفي أفضلهما خلاف والصواب أن الحاجة للخبز أعم واللحم أفضل وهو أشبه بجوهر البدن من كل ما عداه. (ه عن أنس) بن مالك ورواه عنه الديلمي أيضا.
5877 - (فضل قراءة القرآن نظرا على من يقرأه ظاهرا) أي عن ظهر قلب (كفضل الفريضة على
(٥٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 569 570 571 572 573 574 575 576 577 578 579 ... » »»
الفهرست