والباطنة (فذلك) هو العلم (النافع) لصاحبه (وعلم على اللسان) ولا قرار له لأنه شرارة من شرار الإيمان (فذلك حجة الله على ابن آدم) قال الطيبي: الفاء في فعلم تفصيلية وفي فذلك سببية من باب قوله خولان فأنكح أي هؤلاء الذين اشتهرت نساؤهم بالرغبة فيهما فأنكح منهم فكذلك قوله علم في القلب دل على كونه مرغوبا فيه فرتب عليه ما بعده وفي عكسه قوله فذلك حجة الله فإن صاحب العلم اللساني الذي لم يتأثر منه فإنه محجوج عليه ويقال له * (لم تقولون ما لا تفعلون) * ويمكن حمل الحديث على علمي الظاهر والباطن قال أبو طالب: علم الباطن وعلم الظاهر أصلان لا يستغني أحدهما عن صاحبه بمنزلة الإسلام والإيمان مرتبط كل منهما بالآخر كالجسم والقلب لا ينفك أحدهما من صاحبه وقيل علم الباطن يخرج من القلب وعلم الظاهر يخرج من اللسان فلا يجاوز الآذان وهذا لا ينصرف إليه اسم العلماء الذين هم ورثة الأنبياء إذ هم العلماء العاملون الأبرار المتقون الذين آل إليهم العلم الموروث بالصفة التي كان عليها عند المورث لا من علمه حجة عليه وقد منعه سوء ما لديه من خبث نيته وسوء طويته واتباع شهوته أن يلج نور العلم قلبه ويخالط لبه * (فأوردهم النار وبئس الورد المورود) * قال بعضهم: وهذه صفة علماء زماننا تجدهم يجتهدون في تحسين الهيئة والثياب الفاخرة والمراكب السنية فإذا نظر إلى باطن أحدهم وجد خوف الرزق على قلبه كالخيال يكاد يموت من همه وخوف الخلق وخوف سقوط المنزلة من قلوبهم والفرح بمدحهم والثناء عليه وحب الرئاسة وطلب العلو والتبصبص للظلمة والأغنياء واحتقار الفقراء والأنفة من الفقر والاستكبار في موضع الحق والحقد على أخيه المسلم والعداوة والبغضاء وترك الحق مخافة الذل والقول بالهوى والحمية والرغبة في الدنيا والحرص عليها والشح والبخل وطول الأمل والأشر والبطر والغل والغش والمباهاة والرياء والسمعة والاشتغال بعيوب الخلق والمداهنة والإعجاب بالنفس والتزيين للمخلوق والصلف والتجبر وعزة النفس والقسوة والفظاظة والغلظة وسوء الخلق وضيق الصدر والفرح بالدنيا والحزن على فوتها وترك القنع والمراء والجفاء والطيش والعجلة والحدة وقلة الرحمة والاتكال على الطاعة وأمن سلب ما أعطى وفضول الكلام والشهوة الخفية وطلب العز والجاه واتخاذ الإخوان في العلانية على عداوة في السر والغضب إذا رد عليه قوله والتماس المغالبة لغير الله والانتصار للنفس والأنس بالخلق والوحشة من الحق والغيبة والحسد والنميمة والجور والعدوان فهذه كلها مزابل قد انضمت عليها طوية صدورهم وظاهرهم صوم وصلاة وزهد وأنواع أعمال البر فإذا انكشف الغطاء بين يدي الله عن هذه الأمور كان كمزبلة فيها أنواع الأقذار غشيت بالذبائح فأنتنت فهذا عالم مرائي مداهن يتصنع عند شهواته فلم يقدر أن يخلص عمله ونفسه مقيدة بنار الشهوة وقلبه مشحون بهوى نفسه وهذه كلها عيوب والعبد إذا كثرت عيوبه انحطت قيمته. (ش والحكيم) الترمذي وابن عبد البر (عن الحسن) البصري (مرسلا) قال المنذري: إسناده صحيح وقال الحافظ العراقي: إسناده صحيح (خط عنه) أي الحسن (عن جابر) مرفوعا قال المنذري: إسناده صحيح قال الحافظ العراقي: وسند جيد وإعلال ابن الجوزي له وهم وقال السمهودي: إسناده حسن ورواه أبو نعيم والديلمي عن أنس مرفوعا.
(٥١٣)