فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٥٠٨
يشتغل بما لا يعنيه فضولي (آية محكمة) أي لم تنسخ أو لا خفاء فيها قال الحرالي: وهي التي أبرم حكمها كما يبرم الحبل الذي يتخذ حكمة أي زماما يزم به الشئ الذي يخاف خروجه عن الانضباط كأن الآية المحكمة تحكم النفس عن جولانها وتمنعها عن جماحها وتضطرها إلى محالها وقال الطيبي:
المحكمة التي أحكمت عباراتها بأن حفظت من الاحتمال والاشتباه فكانت أم الكتاب أي أصله فتحمل المتشابهات عليها وترد إليها ولا يتم ذلك إلا للماهر الحاذق في علم التفسير والتأويل الحاوي لمقدمات تفتقر إليها من الأصلين وأقسام العربية (أو سنة قائمة) أي ثابتة دائمة محافظ عليها معمول بها عملا متصلا من قامت السوق نفقت لأنها إذا حوفظ عليها كانت كالشئ النافق الذي تتوجه إليه الرغبات وينافس فيه المحصلون وإذا عطلت وأضيفت كانت كالشئ الكاسد الذي لا يرغب فيه ودوامها إما أن يكون لحفظ أسانيدها من معرفة أسماء الرجال والجرح والتعديل ومعرفة الأقسام من الصحيح والحسن والضعيف المتشعب منه أنواع كثيرة وما يتصل بها من المتممات وإما أن يكون بحفظ متونها من التغيير والتبديل بالإتقان والتيقظ وتفهم معانيها واستنباط العلوم الجمة منها لأن جلها بل كلها من جوامع الكلم التي أوتيها وخص بها هذا النبي الأمي صلى الله عليه وسلم (أو فريضة عادلة) أي مساوية للقرآن في وجوب العمل بها وفي كونها صدقا وصوابا ذكره القاضي أو المراد العدل في القسمة أي معدله على سهام الكتاب والسنة بلا جور أو أنها مستنبطة منهما وسميت عادلة لأنها معادلة أي مساوية لما أخذ منها قال الطيبي: ويفقه من هذا أن المراد بقوله وما سوى ذلك هو فضل أن الفضل واحد الفضول الذي لا دخل له في أصل علوم الدين وما استعاذ منه بقول أعوذ بالله من علم لا ينفع. (د ه) في السنة (ك) في الرقاق (عن ابن عمرو) بن العاص. قال الذهبي في المهذب وتبعه الزركشي: فيه عبد الرحمن بن الفم ضعيف وقال في المنار: فيه أيضا عبد الرحمن بن رافع التنوخي لم تثبت عدالته بل أحاديثه مناكير اه‍. وأقول: فيه أيضا عند ابن ماجة وغيره: رشد ابن سعد ومن ثم قال ابن رجب:
الحديث فيه ضعف مشهور.
5710 - (العلم ثلاثة كتاب ناطق) أي مبين واضح (وسنة ماضية) أي جارية مستمرة ظاهرة (ولا أدري) أي قول المجيب لمن سأله عن مسألة لا يعلم حكمها لا أدري قال ابن عطاء الله: من علامة جهل السالك بطريق علم الظاهر أو الباطن أن يجيب عن كل ما يسأل عنه ويعبر عن كل ما شهد ويذكر كل ما علم لدلالته على أنه لم يكن بالله ولا لله بل لنفسه إذ النفس مع العقل والتمييز ومن طلب الحق بالعقل ضل وكان دليلا على جهله اه‍. وقال الماوردي: ليس بمتناه في العلم إلا ويجد من هو أعظم منه بشئ إذ العلم أكثر من أن يحيط به بشر وقيل لحكيم: من يعرف كل العلم قال: كل الناس وقال الشعبي: ما رأيت مثلي ولا أشاء أن ألقي رجلا أعلم مني إلا لقيته وهذا لم يقله تفضيلا لنفسه بل تعظيما للعلم أن يحاط به وكلما يجد بالعلم معجبا وبما أدركه منه مفتخرا إلا من كان فيه مقلا مقصرا لأنه يجهل قدره ويظن أنه نال بالدخول أكثر من غيره وأما من كان فيه متوجها ومنه مستكثرا فهو يعلم من بعد غايته والعجز عن إدراك نهايته ما يصده عن العجب به وقالوا: العلم ثلاثة أشبار فمن نال منه
(٥٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 ... » »»
الفهرست