فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٥٠٣
واحدا بعد واحد فيرشدونهم فإن مرضى القلوب لا يعرفون مرضهم كما أن من ظهر على وجهه برص ولا مرآة له لا يعرف برصه ما لم يعرفه غيره وهذا فرض عين على العلماء وعلى السلاطين أن يرتبوا في كل محلة من يعلم الناس دينهم فإن الدنيا دار مرض إذ ليس في بطن الأرض إلا ميت ولا على ظهرها إلا سقيم ومرض القلوب أكثر من الأبدان والعلماء أطباء والسلاطين قوام ديار المرضى فكل مريض لا يقبل العلاج بمداواة العالم سلم للسلطان ليكف شره عن الناس كما يسلم الطبيب المريض لمن يحميه.
(القضاعي) في مسند الشهاب (وابن عساكر) في التاريخ (عن أنس) ورواه أيضا العقيلي في الضعفاء وقال العامري في شرح الشهاب: حسن.
5701 - (العلماء) وفي رواية الفقهاء (أمناء الرسل) فإنهم استودعوهم الشرائع التي جاؤوا بها وهي العلوم والأعمال وكلفوا الخلق طلب العلم فهم أمناء عليه وعلى العمل به فهم أمناء على الوضوء والصلاة والغسل والصوم والزكاة والحج وعلى الاعتقادات كلها وكل ما يلزمهم التصديق به والعلم والعمل فمن وافق علمه عمله وسره علته كان جاريا على سنة الأنبياء فهو الأمين ومن كان بضد ذلك فهو الخائن وبين ذلك درجات فلذلك قال: (ما لم يخالطوا السلطان ويداخلوا الدنيا) لفظ الحاكم ويداخلوا في الدنيا (فإذا خالطوا السلطان وداخلوا الدنيا فقد خانوا الرسل فاحذروهم) لفظ الحاكم فاعتزلوهم أي خافوا منهم واستعدوا وتأهبوا لما يبدو منهم من الشر فإنهم إنما يتقربون إلى السلطان باستمالة قلبه وتحسين قبح فعله وما يوافق هواه وإن أخبروه بما فيه نجاته استثقلهم وأبعدهم فمخالط السلطان لا يسلم من النفاق والمداهنة والخوض في الثناء والإطراء في المدح وفيه هلاك الدين والعلما ساسات الناس والناس لهم تبع فلا إلباس ما لم يتلطخوا بأقذار الدنيا ويشتغلوا بشهوات النفوس عن مصالح العباد فإنهم إذا فعلوا ذلك سقطوا من مراتب العلية وهانوا على أهل الدنيا الدنية وفي الآخرة عند الله قال الثوري: احذر اللياذ بالأمراء وإياك أن تخدع ويقال لك ترد مظلمة وتدفع عن مظلوم فإن هذه خدعة إبليس اتخذها الفقهاء سلما. (الحسن بن سفيان) في مسنده عن مخلد بن مالك عن إبراهيم بن رستم عن عمر العبدي عن إسماعيل بن سميع (عن أنس) بن مالك (عق عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه قال ابن الجوزي: موضوع إبراهيم لا يعرف والعبدي متروك وقال المؤلف:
قوله موضوع ممنوع وله شواهد فوق الأربعين فنحكم له عن مقتضى صناعة الحديث بالحسن.
5702 - (العلماء أمناء أمتي) قال الخطيب: هذه شهادة من النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم أعلام الدين وأئمة المسلمين كيف وهم أكمل الخلق علما بوحدانية الله تعالى وصفاته وأعرف الناس بأحكام الحلال والحرام؟ قال الحكيم الترمذي: بعث الله الرسل إلى الخلق بمعرفة الأمور ومعرفة التدبير فيها وكيف ولم وكنه الأمور عندهم مكنون قد أفشى الله من ذلك إلى الرسل من غيبه ما لا تحتمله عقول من دونهم
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»
الفهرست