فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٣١٩
5164 - (الصوم جنة) بضم الجيم وقاية في الدنيا من المعاصي بكسر الشهوة وحفظ الجوارح وفي الآخرة من النار لأنه يقمع الهوى ويردع الشهوات التي هي من أسلحة الشيطان فإن الشبع مجلبة الآثام منقصة للإيمان ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: " ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه " فإذا ملأ بطنه انتكست بصيرته وتشوشت فكرته لما يستولي على معادن إدراكه من الأبخرة الكثيرة المتصاعدة من معدته إلى دماغه فلا يمكنه نظر صحيح ولا يتفق له رأي صالح وقد يقع في مداحض فيروغ عن الحق كما أشار إليه خبر لا تشبعوا فتطفئوا نور المعرفة من قلوبكم وغلب عليه الكسل والنعاس فيمنعه عن وظائف العبادات وقويت قوى البدن وكثرت المواد والفضول فينبعث غضبه وشهوته وتشتد مشقته لدفع ما زاد على ما يحتاجه بدنه فيوقعه ذلك في المحارم قال بعض الأعلام: صوم العوام عن المفطرات وصوم الخواص عن الغفلات وصوم العوام جنة عن الإحراق وصوم الخواص جنة لقلوبهم عن الحجب والافتراق. (ن عن معاذ) بن جبل ورواه القضاعي في الشهاب وقال العامري في شرحه:
صحيح.
5165 - (الصوم جنة) بضبط ما قبله (من عذاب الله) فليس للنار عليه سبيل كما لا سبيل لها على مواضع الوضوء لأن الصوم يغمر البدن كله فهو جنة لجميعه برحمة الله من النار. (هب عن عثمان بن أبي العاص) وفيه سعيد الجرائري ضعفه ابن القطان.
5166 - (الصوم جنة يستجن بها العبد من النار) وأصل الجنة بالضم الترس شبه الصوم به لأنه يحمي الصائم عن الآفات النفسانية في الدنيا وعن العقاب في الأخرى قال القاضي: والجنة بالضم الترس وبالكسر الجنون وبالفتح الشجر المظل وأطلقت على البستان بما فيها من الأشجار وعلى دار الثواب لما فيها من البساتين وثلاثيتها مأخوذ من الجن بمعنى الستر. (طب عنه) أي عن عثمان قال الهيثمي: سنده حسن.
5167 - (الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة) أي الغنيمة التي تحصل بغير مشقة والعرب تستعمل البارد في شئ ذي راحة والبرد ضد الحرارة لأن الحرارة غالبة في بلادهم فإذا وجدوا بردا عدوه راحة وقيل الباردة الثابتة من برد لي على فلان كذا أي ثبت أو الطيبة من برد الهواء إذا طاب والأصل في وقوع البرد عبارة عن الطيب وأيضا إن الهواء والماء لما كان طيبهما ببردهما سيما من بلاد تهامة والحجاز قيل هواء بارد وماء بارد على سبيل الاستطابة ثم كثر حتى قيل عيش بارد وغنيمة باردة ذكره الزمخشري. قال الطيبي: والتركيب من قلب التشبيه لأن الأصل الصوم في الشتاء كالغنيمة الباردة
(٣١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 324 ... » »»
الفهرست