الصبر عند قوة المصيبة أشد فالثواب عليه أكثر فإن بطول الأيام تسلي المصائب فيصير الصبر طبعا وقد بشر الله الصابرين بثلاث كل منها خير مما عليه أهل الدنيا فقال * (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون) *.
(البزار) في مسنده (ع عن أبي هريرة) قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة بالبقيع تبكي فأمرها بالصبر ثم ذكره رمز المصنف لصحته وليس بجيد فقد قال الهيثمي وغيره: فيه بكر بن الأسود أبو عبيد الناجي وهو ضعيف وقضية صنيع المؤلف أن هذا لا يوجد مخرجا في أحد الصحيحين وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فاحش بل هو في صحيح البخاري بهذا اللفظ من حديث أنس موصولا وإن هذا لشئ عجاب.
5134 - (الصبر) الكثير الثواب: الصبر (عند أول صدمة) أي عند فورة المصيبة وبعد ذلك يهون الأمر وتنكسر حدة المصيبة وحرارة الرزية فإن مفاجأة المصيبة بغتة لها روعة تزعزع القلب وتزعجه فإن صبر للصدمة الأولى انكسرت حدتها وضعفت قوتها فهان عليه استدامة الصبر وأما إذا طالت الأيام على المصائب وقع السلو وصار الصبر طبعا فلا يؤجر عليه مثل ذلك. (البزار) في مسنده (عن ابن عباس) رمز المصنف لصحته وكأنه ذهل عن قول الحافظ الهيثمي وغيره: فيه الواقدي وقد ضعفوه.
5135 - (الصبر عند الصدمة الأولى والعبرة) بالفتح: تحلب الدمع وانهماره (لا يملكها أحد، صبابة المرء إلى أخيه) الصبابة بالفتح رقة الشوق وشدته (فائدة) قال ابن القيم: الصبر ينقسم إلى الأحكام الخمسة فالواجب الصبر على فعل الواجب وترك المحرم وتحمل المصيبة والمندوب الصبر على فعل المندوب وترك المكروه والمحرم الصبر على نحو ترك الأكل حتى يموت والصبر على نحو حية أو سبع أو غرق أو كافر يقتله والمكروه الصبر على نحو قلة الأكل جدا وعن جماع حليلته إذا احتاجت والمباح على ما خير بين فعله وتركه. (ص عن الحسن مرسلا) هو البصري.
5136 - (الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد) لأن الصبر يدخل في كل باب بل في كل مسألة من مسائل الدين فكان من الإيمان بمنزلة الرأس من الإنسان قال علي كرم الله وجهه: فإذا قطع الرأس مات الجسد ثم رفع صوته قائلا: أما إنه لا إيمان لمن لا صبر له أي وإن كان فإيمان قليل وصاحبه ممن * (يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه) *