فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٤ - الصفحة ٣٠٧
ومن ثم قال جمع: اليقين قوة الإيمان بالقدر والسكون إليه، وقال الغزالي: المراد باليقين المعارف القطعية الحاصلة بهداية الله عبده إلى أصول الدين والمراد بالصبر العمل بمقتضى اليقين إذ اليقين معرفة أن المعصية ضارة والطاعة نافعة ولا يمكن ترك المعصية والمواظبة على الطاعة إلا بالصبر وهو استعمال باعث الدين في قهر باعث الهوى والكسل فكان الصبر نصف الإيمان بهذا الاعتبار.
(تتمة) قيل للأحنف: إنك لصبور فقال: الجزع شر الحالتين يبعد المطلوب ويورث الحسرة ويبقي على صاحبه عار الأمد بلا فائدة. وقال: هيئة المعاقبة تورث جبنا وهيئة الزلل تورث خسرا. (حل هب عن ابن مسعود) ثم قال أعني البيهقي: تفرد به يعقوب بن حميد عن محمد بن خالد المخزومي والمحفوظ عن ابن مسعود من قوله غير مرفوع اه‍. ويعقوب قال الذهبي: ضعفه أبو حاتم وغير واحد.
5131 - (الصبر رضا) يعني التحقق بالصبر يفتح باب الوصول إلى مقام الرضى والتلذذ بالبلوى فإنه صراع بين جند الملائكة وجند الشيطان ومهما أذعنت النفس وانقمعت وتسلط باعث الدين واستولى وتيسر الصبر بطول المواظبة أورث ذلك مقام الرضا قال بعض العارفين: الصبر ثلاث مقامات أوله ترك الشكوى وهي درجة التائبين ثم الرضى بالقضاء وهي درجة الزاهدين ثم محبة ما يصنع به مولاه وهذه درجة الصديقين ثم المراد في هذا الخبر وما بعده الصبر المحمود شرعا كما قال الغزالي ينقسم إلى الأحكام الخمسة فالصبر عن المحرم فرض وعلى المحرم محرم كمن قطع يداه أو يد ولده وصبر وهكذا الباقي فليس الصبر كله محمودا. (الحكيم) الترمذي في النوادر (وابن عساكر) في التاريخ (عن أبي موسى) الأشعري ورواه عنه الديلمي أيضا.
5132 - (الصبر والاحتساب أفضل من عتق الرقاب ويدخل الله صاحبهن) أي الثلاثة (الجنة بغير حساب) وبالصبر يفتح كل باب مغلق ثم هذا مطلق فيما يصبر عليه من المصائب في النفوس والأموال وميثاق التكليف ومقيد بما ذا صبر ابتغاء وجه الله لا ليقال ما أصبره وأحمله للنوازل وأوقره عند الزلازل ولا لئلا يعاب بالجزع ولا لئلا يشمت به الأعداء كقوله:
وتجلدي للشامتين أريهم * أني لريب الدهر لا أتضعضع ولأنه لا طائل تحت الهلع ولا مرد فيه للفائت وكل عمل له وجوه يحمل عليها، فعلى العاقل المؤمن أن ينوي منها ما كان حسنا عند الله. (طب عن الحكيم بن عمير الثمالي).
5133 - (الصبر) أي الكامل الذي يترتب عليه الأجر الجزيل (عند الصدمة الأولى) لكثرة المشقة حينئذ، أوصل الصدم الضرب في شئ صلب ثم استعمل مجازا في كل مكروه وقع بغتة ومعناه أن
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 ... » »»
الفهرست