فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ١٤٠
عليه ابن السني بباب ما يقوله بين ظهراني وضوئه والنسائي بباب ما يقول بعد فراغ وضوئه، قال في الأذكار: إسناده صحيح.
1471 - (اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك) أي ذهابها مفرد في معنى الجمع يعم النعم الظاهرة والباطنة، والنعمة كل ملائم تحمد عاقبته، ومن ثم قالوا لا نعمة لله على كافر بل ملاذه استدراج. والاستعاذة من زوال النعم تتضمن الحفظ عن الوقوع في المعاصي لأنها تزيلها. ألا ترى إلى قوله:
إذا كنت في نعمة فارعها * فإن المعاصي تزيل النعم (وتحول عافيتك) أي تبدلها، ويفارق الزوال التحول كما قاله الطيبي بأن الزوال يقال في كل شئ ثبت لشئ ثم فارقه لفظ رواية أبي داود وتحويل بزيادة مثناة تحتية. والتحويل تغيير الشئ وانفصاله عن غيره فكأنه سأل دوام العافية وهي السلامة من الآلام والأسقام (وفجاءة) بالضم والمد وتفتح وتقصر بغنة (نقمتك) بكسر فسكون: غضبك وعقوبتك (وجميع سخطك) بالتحريك: أي سائر الأسباب الموجبة لذلك وإذا انتفت أسبابها حصلت أضدادها (م د ت عن ابن عمر) بن الخطاب ولم يخرجه البخاري.
1472 - (اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق) كحقد وبخل وحسد وجبن ونحوها، ولا مانع من إرادة السبب والمسبب معا لأن المسبب قد يحصل فيعفى عنه * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * [النساء: 116] وهذا مقول على منهج التعليم لغيره (والأعمال) الكبائر من نحو قتل وزنا وشرب خمر وسرقة ونحوها. قال بعض حكماء الإسلام: وهذه المنكرات منها ما لا ينفك منه غير المعصوم في متقلبه ومنها ما يعظم الخطب فيه حتى يصير منكرا عليها متعارفا، وذكر هذا مع عصمته تعليم لأمته كما سبق (و) منكرات (الأهواء) وهي الزيغ والانهماك في الشهوات جمع هوى مقصور هوى النفس وهو ميلها إلى المستلذات والمستحسنات عندها لأنه يشغل عن الطاعة ويؤدي إلى الأشر والبطر (والأدواء) من نحو جذام وبرص وسل واستسقاء وذات جنب ونحوها، فهذه كلها بوائق الدهر فيقول أعوذ بك من بوائق الدهر. قال الطيبي: والإضافة إلى القرينتين الأوليين من إضافة الصفة إلى الموصوف، قال الراغب: والإنكار ضد العرفان والمنكر كل فعل يتوقف في استقباحه واستحسانه العقول ويحكم بقبحه الشرع. وقال زين العرب منكر الخلق ما لم يعرف حسنه من جهة الشرع قال الحكيم: إنما استعاذ من هذه الأربع لأن ابن آدم لا ينفك منها في متقلبه ليلا ونهارا، وبها ما يعظم الخطب فيه حتى يصير منكرا غير متعارف فيما بينهم، فذاك الذي يشار إليه بالأصابع في ذلك
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»