(قتلا في سبيلك) أي في قتال أعدائك لإعلاء دينك (بالطعن) بالرمح (والطاعون) وخز أعدائهم من الجن: أي اجعل فناء غالب أمتي بهذين أو بأحدهما. قال بعضهم: دعى لأمته فاستجيب له في البعض أو أراد طائفة مخصوصة أو صفة مخصوصة كالخيار، فلا تعارض بينه وبين الخبر الآتي: إن الله أجاركم من ثلاث أن يدعو عليكم نبيكم فتهلكوا جميعا. الحديث. قال القرطبي: جاءت الرواية عن أبي قلابة بالواو، وقال بعض علمائنا الصحيح بأو، والروايتان صحيحتا المعنى، وبيانه أن مراده بأمته صحبة خاصة لأنه دعا لجميع أمته أن لا يهلكهم بسنة عامة، ولا يسلط أعداءهم عليهم، فأجيب فلا تذهب بيضتهم ولا معظمهم بموت عام ولا بعدو على مقتضى دعائه هذا، والدعاء المذكور هنا يقتضي أن يفنوا كلهم بالقتل والموت عام فتعين صرفه إلى أصحابه لأن الله اختار لمعظمهم الشهادة بالقتل في سبيل الله بالطاعون الواقع في زمنهم فهلك به بقيتهم، فقد جمع لهم الله الأمرين، فالواو على أصلها من الجمع أو تحمل على التقسيمية، قال الراغب: نبه بالطعن على الشهادة الكبرى وهي القتل في سبيل الله وبالطاعون على الشهادة الصغرى. وهذا الحديث هو المشار إليه في خبر آخر يقوله: الطاعون رحمة ربكم ودعوة نبيكم، قال العلماء أراد المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يحصل لأمته أرفع أنواع الشهادة وهو القتل في سبيل الله بأيدي أعدائهم إما من الإنس وإما من الجن. وهذا الحديث مكي دعى به المصطفى صلى الله عليه وسلم عند خروجه مهاجرا وهو بالغار (حم طب عن أبي بردة) بن أبي موسى (الأشعري) اسمه الحارث أو عمارة أو عامر: سمع عليا وعائشة، وولى قضاء الكوفة ورواه عنه أيضا الحاكم في المستدرك باللفظ المزبور وصححه وأقره عليه الذهبي بل رواه باللفظ المذكور قال الهيثمي: رجاله ثقات. اه فلو عزاه المصنف له لكان أحسن على عادته في البداءة في العزو إليه، وما أراه إلا ذهل عنه، قال الحافظ ابن حجر وحديث ابن أبي موسى هذا هو العمدة في هذا الباب فإنه يحكم له بالصحبة لتعدد طرقه إليه.
1477 - (اللهم إني أسألك) أي أطلب منك (رحمة من عندك) أي ابتداء من غير سبب، وقال القاضي: نكر الرحمة تعظيما لها دلالة على أن المطلوب رحمة عظيمة لا يكتنه كنهها ووصفها بقوله من عندك مزيدا لذلك التعظيم لأن ما يكون من عنده لا يحيط به وصفه لقوله * (وآتيناه من لدنا علما) * [الكهف: 65] (تهدي بها) أي ترشد (قلبي) إليك وتقربه لديك وخصه لأنه محل العقل ومناط التجلي. وأجناس الهداية خمسة مترتبة وهي إضافة قوي يتمكن بها من الاهتداء ونصب الدلائل وإرسال الرسل والكشف والتوفيق، والأخير هو الممنوع عن نحو الظالمين أينما وقع في القرآن (وتجمع بها أمري) أي تضمه بحيث لا أحتاج إلى أحد غيرك (وتلم) أي تجمع وتضم (بها شعثي) ما تفرق من أمري ملتئما غير متفرق وهو من اللم الجمع يقال لممت الشئ جمعته، ومنه خبر: تأكل لما وتوسع ذما: أي تأكل كثيرا مجتمعا (وتصلح بها غائبي) أي ما غاب عن باطني بالإيمان والأخلاق المرضية والملكات الرضية (وترفع بها شاهدي) أي ظاهري بالأعمال الصالحة والهيئات المطبوعة والخلال الجميلة: فالمراد تعميم الباطن وإصلاح الظاهر، أو أراد بها في الأخرى بالرضا والكون مع