فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ١٥١
يمقت من يشكوه إلى خلقه ويحب من يشكو ما به إليه (إلى من تكلني) تفوض أمري (إلى عدو يتجهمني) بالتشديد أي يلقاني بغلظة ووجه كريه؟ قال الزمخشري: وجه جهم غليظ وهو البأس الكريه ويوصف به الأسد وتجهمته وجهمته استقبلته بوجه مكفهر وقبل هو أن يلغظ الرجل له في القول ومن المجاز الدهر يتجهم الكرام وتجهمني أملي إذا لم تصبه (أم إلى قريب ملكته أمري) أي جعلته متسلطا على إيذائي ولا أستطيع دفعه (إن لم تكن ساخطا علي) في رواية إن لم يكن بك سخط علي وفي أخرى بدل سخط غضب (فلا أبالي) بما يصنع بي أعدائي وأقاربي من الإيذاء طلبا لمرضاتك (غير أن عافيتك) التي هي السلامة من البلايا والأسقام وهي مصدر جاء على فاعله (أوسع لي، أعوذ بنور وجهك) أي ذاتك (الكريم) أي الشريف والكريم يطلق على الشريف النافع الذي يدوم نفعه (الذي أضاءت له السماوات والأرض) جمع السماوات وأفرد الأرض لأنها طبقات متفاضلة بالذات مختلفة بالحقيقة (وأشرقت له الظلمات) أشرقت على البناء المفعول من شرقت بالضوء تشرق إذا امتلأت به واغتصت وأشرفها الله كما تقول ملأ الأرض عدلا وطبقها عدلا ذكره كله الزمخشري قال في الحكم الكون كله ظلمة وإنما أناره ظهور الحق فيه فمن رأى الكون ولم يشهده فيه أو قبله أو عنده أو بعده فقد أعوزه وجود الأنوار وحجبت عنه شموس المعارف بسحب الآثار (وصلح) بفتح اللام وتضم (عليه أمر الدنيا والآخرة) أي استقام وانتظم والصلاح ضد الفساد وأصلح أتى بالصلاح وهو الخير والصواب والصلح اسم منه وهو التوفيق كما في المصباح (أن تحل علي غضبك) أي تنزله بي أو توجبه علي، قال في المختار كأصله حل العذاب يحل بالكسر حلا أي وجب ويحل بالضم حلولا نزل وقرئ بهما قوله تعالى: * (فيحل عليكم غضبي) * [طه: 81] (أو تنزل علي سخطك) أي غضبك هو من عطف الرديف (ولك العتبى حتى ترضى) أي أسترضيك حتى ترضى يقال استعتبته فأعتبني أي استرضيته فأرضاني (ولا حول ولا قوة إلا بك) استعاذ بهذا بعد الاستعاذة بذاته تعالى إشارة إلى أنه لا توجد قابضة حركة ولا قابضة سكون في خير وشر إلا بأمر التابع لمشيئته * (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) * [يس: 82] وهذا يسمى دعاء الطائف وذلك أن المصطفى صلى الله عليه وسلم لما مات أبو طالب اشتد أذى قومه له فخرج إلى الطائف رجاء أن يأووه وينصروه فأذاقوه أشد من قومه ورماه سفهاؤهم بالحجارة حتى دميت قدماه، وزيد مولاه يقيه بنفسه حتى انصرف راجعا إلى مكة محزونا فدعى بهذا فعند ذلك أرسل إليه ربه ملك الجبال فسأله أن يطبق على قومه الأخشبين فقال: بل استأني لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده (طب) عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
1484 - (اللهم واقية كواقية الوليد) أي المولود كما فسره به راوي الخبر ابن عمر فهو فعيل
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»