قوله (ولم تحل) يجوز بناؤه للفاعل وللمفعول (لأحد) من الأمم السابقة، وفائدة التقييد بقوله (قبلي) التنبيه على المخصوص عليه من الأنبياء وأنه أفضلهم حيث خص بما لم يخصوا (وأعطيت الشفاعة) العامة والخاصة الخاصتان به، فاللام للعهد: أي عهد اختصاص، وإلا فللجنس، والمراد المختصة بي قال النووي: له شفاعات خمس: الشفاعة العظمى للفصل، وفي جماعة يدخلون الجنة بغير حساب، وفي ناس استحقوا النار فلا يدخلونها، وفي ناس دخلوا النار فيخرجون منها. وفي رفع درجات ناس في الجنة، والمختص به من ذلك الأولى والثانية ويجوز الثالثة والخامسة (وكان النبي يبعث إلى قومه) بعثة (خاصة) بهم، فكان إذا بعث في عصر واحد نبي واحد دعى إلى شريعته قومه فقط ولا ينسخ بها شريعة غيره، أو نبيان دعى كل منهما إلى شريعته فقط ولا ينسخ بها شريعة الآخر. وقال بعض المحققين:
واللام هنا للاستغراق بدليل رواية وكان كل نبي فاندفع ما جوزه الإمام من أن يكون الخاصة مجموع الخمسة ولا يلزم اختصاص عموم البعثة لأن قوله وكل نبي صريح في الاختصاص واستشكل بآدم فإنه بعث لجميع بنيه وكذا نوح بعد خروجه من السفينة، وأجيب بأجوبة أوضحها أن المراد البعثة إلى الأصناف والأقوام وأهل الملل المختلفة وآدم ونوح ليسا كذلك لأن بني آدم لم يكن ثم غيرهم ونوح لم يكن عند الإرسال إلا قومه، فالبعثة خاصة بهم وعامة في الصورة لضرورة الانحصار في الموجودين حتى لو اتفق وجود غيرهم لم يكن مبعوثا لهم (وبعثت إلى الناس) أي أرسلت إليهم رسالة (عامة) فهو نعت لمصدر محذوف أو حال من الناس أي معممين بها أو من ضمير الفاعل: أي بعثت معمما للناس، وفي رواية لمسلم بدل عامة كافة، قال الكرماني أي جميعا وهو مما يلزمه النصب على الحالية والمراد ناس زمنه فمن بعدهم إلى يوم القيامة، وقول السبكي من أولهم إلى آخرهم قال محقق غريب لا يوافقه من يعتد به ولم يذكر الجن لأن الإنس أصل ومقصود بالذات أو المتنازع فيه أو أكثر اعتناء أو الناس يشمل الثقلين بل خبر وأرسلت إلى الخلق يفيد إرساله للملائكة كما عليه السبكي، وختم بالبعث العام كلامه في الخصائص ليتحقق لأمته الجمع بين خيري الدنيا والآخرة وفيه أن المصطفى صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء والرسل لما ذكر من أن كل نبي أرسل إلى قوم مخصوصين وهو إلى الكافة، وذلك لأن الرسل إنما بعثوا لإرشاد الخلق إلى الحق وإخراجهم من الظلمات إلى النور ومن عبادة الأصنام إلى عبادة الملك العلام وكل من كان في هذا الأمر أكثر تأثيرا كان أفضل فكان المصطفى صلى الله عليه وسلم فيه القدح المعلي، إذ لم يختص بقوم دون قوم وزمان دون زمان، بل دينه انتشر في المشارق والمغارب وتغلغل في كل مكان واستمر استمداده على وجه كل زمان، زاده الله شرفا على شرف وعزا على عز، ما در شارق ولمع بارق فله الفضل بحذافيره سابقا ولاحقا (ق) في الصلاة وغيرها (ن) في الطهارة (عن جابر) بن عبد الله، قال المصنف والحديث متواتر.
1175 - (أعطيت سبعين ألفا من أمتي) أمة الإجابة (يدخلون الجنة بغير حساب) أي ولا عقاب