فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٧٢٤
زيادة مستقبلا عبر عنه بالماضي تحققا لوقوعه (نصرت) أي أعنت (بالرعب) بسكون العين المهملة وضمها الفرع أو الخوف مما يتوقع نزوله، زاد أحمد: يقذف في قلوب أعدائي (مسيرة شهر) أي نصرني الله بإلقاء الخوف في قلوب أعدائي من مسيرة شهر بيني وبينهم من سائر نواحي المدينة، وجعل الغاية شهرا إشارة إلى أنه لم يكن بين بلده وبين أحد من أعدائه مسافة أكثر من شهر إذ ذاك فلا ينافي أن ملك أمته يزيد على ذلك بكثير، وهذا من خصوصية له ولو بلا عسكر، ولا يشكل بخوف الجن وغيرهم من سليمان لأن المراد على الوجه المخصوص الذي كان عليه المصطفى من عدم العلم بالتسخير بل بمجرد الشجاعة والإقدام البشري، وسليمان علم كل أحد أنها قوة تسخير، وفي اختصاص أمته بذلك احتمالات رجح بعضهم منها أنهم قد رزقوا منه حظا وافرا. لكن ذكر ابن جماعة أنه جاء في رواية أنهم مثله (واعلم) أنه ليس المراد بالخصوصية مجرد حصول الرعب، بل هو وما ينشأ عنه من الظفر بالعدو كما ذكروه (وجعلت لي الأرض) زاد أحمد ولأمتي أي ما لم يمنع مانع (مسجدا) أي محل سجود ولو بغير مسجد وقف للصلاة فلا يختص بمحل بخلاف الأمم السابقة فإن الصلاة لا تصح منهم إلا في مواضع مخصوصة من نحو بيعة أو كنيسة، فأبيحت الصلاة لنا بأي محل كان، ثم خص منه نحو حمام ومقبرة ومحل نجس على اختلاف المذاهب تحريما وكراهة (وطهورا) أي مطهرا. وإن كان بمعنى الطاهر في قوله تعالى * (وسقاهم ربهم شرابا طهورا) * إذ لا تطهر في الجنة فالخصوصية ههنا في التطهير لا في الطاهرية، والمراد تراب الأرض كما جاء في رواية بلفظ وترابها طهورا وفي أخرى تربتها لنا طهورا بفتح الطاء، فالتراب مطهر وإن لم يرفع وتقديم المشروط على شرطه لفظا لا يستلزم تقديمه حكما والواو لا تقتضي ترتيبا، وفسر المسجد بقوله (فأينما) أي مبتدأ فيه معنى الشرط وما زائدة للتأكيد (رجل) بالجر بالإضافة (من أمتي) بيان لرجل، وفائدة بشارتهم بهذا الحكم التيسيري (أدركته) أي الصلاة في محل من الأرض (الصلاة) أية صلاة كانت. قال الزركشي: وجملة أدركته في محل خفض صفة لرجل وجواب الشرط قوله (فليصل) بوضوء أو تيمم، ذكر ذلك لدفع توهم أنه خاص به، وقدم النصر الذي هو الظفر بالأعداء لأهميته إذ به قيام الدين، وثنى بجعل الأرض ذلك لأن الصلاة وشرطها أعظم المهمات الدينية وفي قوله فأيما إلى آخره إيماء إلى رد قول المهلب في شرح البخاري: المخصوص بنا جعل الأرض طهورا، وأما كونها مسجدا فلم يأت في أثر أنها منعت منهم وقد كان عيسى عليه السلام يسيح في الأرض ويصلي حيث أدركته الصلاة. (وأحلت لي الغنائم) جمع غنيمة بمعنى مغنومة، والمراد بها هنا ما أخذ من الكفار بقهر وغيره. فيعم الفئ، إذ كل منهما إذا انفرد عم الآخر، والمراد بإحلالها له أنه جعل له التصرف فيها كما يشاء وقسمتها كما أراد * (قل الأنفال لله والرسول) * أو المراد اختصاصه بها هو وأمته دون الأنبياء فإن منهم من لم يؤذن له بالجهاد فلم يكن له غنائم، ومنهم المأذون الممنوع منها فتجئ نار فتحرقه إلا الذرية، ويرجح الثانية
(٧٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 716 717 718 719 720 721 722 723 724 725 726 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة