فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٧١٠
ثم قال - أعني البيهقي - لم يحدث به إلا إسماعيل بن عمر عن يونس بن أبي إسحاق اه‍. وإسماعيل هذا ضعفوه، ويونس أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين وقال ثقة، قال أبو حاتم: لا يحتج بحديثه، وقال ابن خراش: في حديثه لين، وقال ابن حزم: ضعفه يحيى القطان وأحمد ابن حنبل جدا اه‍. ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه ولم يتعقبه المؤلف إلا بأن له شاهدا وأصله قول ابن حجر في الفتح خرجه الطبراني والترمذي في العلل المفردة وضعفه عن البخاري وقد صححه الحاكم فلم يصب. قال وله شاهد عند البزار عن ابن عباس ضعيف أيضا.
1144 - (اعتموا) بكسر المثناة وخفة الميم: أي صلوا العشاء في العتمة يقال أعتم الرجل إذا دخل في العتمة كما يقال أصبح إذا دخل في الصباح والعتمة ظلمة الليل، وقال الخليل: العتمة من الليل ما بعد غيبوبة الشفق: أي صلوها بعد ما دخلتم في الظلمة وتحقق لكم سقوط الشفق ولا تستعجلوا فيها فتوقعوها قبل وقتها وعلى هذا لم يدل على أن التأخير فيه أفضل، ويحتمل أن يقال إنه من العتم الذي هو الإبطاء، يقال أعتم الرجل قراه إذا أخره ذكره كله القاضي البيضاوي، وقيل إنما هو اعتموا: أي البسوا العمائم، ويؤيده السبب الآتي وعليه ففيه أن التعمم من خصائص هذه الأمة، وفيه الأمر بمخالفة من قبلنا من الأمم فيما لم يرد في شرعنا تقريره (خالفوا على الأمم قبلكم فإنهم وإن كانوا يصلون العشاء لكنهم كانوا لا يعتمون بها بل يقارنون مغيب الشفق وهذا مما يوهم ما قاله الجلال كما لا يخفى على أهل الكمال (هب عن خالد بن معدان) بفتح الميم وسكون المهملة وفتح النون الكلاعي بفتح الكاف تابعي جليل (مرسلا) قال أتى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بثياب من الصدقة فقسمها بين أصحابه ثم ذكره.
1145 - (أعجز الناس) أي من أضعفهم رأيا وأعماهم بصيرة (من عجز عن الدعاء) أي الطلب من الله تعالى لا سيما عند الشدائد لتركه ما أمره الله به وتعرضه لغضبه بإهماله ما لا مشقة عليه فيه، وفيه قيل:
لا تسألن بني آدم حاجة * وسل الذي أبوابه لا تحجب الله يغضب إن تركت سؤاله * وبني آدم حين يسأل يغضب وفيه رد على من زعم أن الأولى عدم الدعاء (وأبخل الناس) أي أمنعهم للفضل وأشحهم بالبذل (من بخل بالسلام) على من لقيه من المؤمنين ممن يعرفهم وممن لا يعرفهم، فإنه خفيف المؤنة عظيم المثوبة فلا يهمله إلا من بخل بالقربات وشح بالمثوبات وتهاون بمراسم الشريعة، أطلق عليه اسم البخل لكونه منع ما أمر به الشارع من بذل السلام، وجعله أبخل لكونه من بخل بالمال معذور في الجملة لأنه محبوب للنفوس عديل للروح بحسب الطبع والغريزة، ففي بذله قهر للنفس، وأما السلام
(٧١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 705 706 707 708 709 710 711 712 713 714 715 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة