منزل من الكتب السابقة باللفظ أو بالمعنى وهذه لم يؤتها أحد وإن كان فيه أيضا ما لم يؤت غيره لكن في خصوصية لهذه الأمة وهي وضع الأمر الذي على من قبل فلهذا قال (لم يعطها نبي قبلي) قال في المطامح: الله أعلم ما هذا الكنز، ويجوز كونه كنز اليقين فهو كنز مخبوء تحت العرش أخرج منه سبحانه ثمانية مثاقيل من نور اليقين فأعطى منها رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة وزيد ذخيرة خصوصية للرسالة، فلذلك وزن إيمانه بإيمان الخلق فرجح. إلى هنا كلامه، وهو غريب (حم طب) وكذا الأوسط (هب عن حذيفة) بن اليماني (حم عن أبي ذر) قال الحافظ الهيتمي، ورجال أحمد رجال الصحيح أه.
1173 - (أعطيت ثلاث خصال) جمع خصلة ومر تعريفها، ولا ينافيه خبر: أعطيت خمسا الآتي، ولا خبر ستا، ولا تبديل بعض الخصال ببعض في الروايات لاحتمال أنه أعطي الأقل فأخبر به ثم زيد فأخبر به، وهكذا، أو أنه أعطي أولا الأكثر فأخبر به ثم أخبر ببعضه بناء على المشهور من أن ذكر الأعداد لا يدل على الحصر (أعطيت صلاة في الصفوف) كما تصف الملائكة عند ربها وكانت الأمم المتقدمة يصلون منفردين وجوه بعضهم إلى بعض وقبلتهم إلى الصخرة (وأعطيت السلام وهي تحية أهل الجنة) أي يحيي بعضهم بعضا به * (تحيتهم فيها سلام) * وكانت الأمم السابقة إذا لقي بعضهم بعضا انحنى له بدل السلام وفيه مؤنة فأعطينا تحية أهل الجنة فيا لها من منة (وأعطيت آمين) أي ختم الداعي قراءته أو دعاءه بلفظ آمين (ولم يعطها أحد ممن كان قبلكم) أي لم يعط هذه الخصلة الثالثة كما يدل له قوله (إلا أن يكون الله) تعالى (أعطاها) نبيه (هارون) ثم بين وجهه بقوله (فإن موسى) أخاه (كان يدعو الله) تعالى (ويؤمن) على دعائه أخوه (هارون) كما دل عليه لفظ التنزيل حيث قال تعالى:
(قد أجيبت دعوتكما) * وقال في مبتدأ الآية * (وقال موسى ربنا) * فدل على أن موسى هو الداعي وهارون يؤمن وسماه داعيا لأنه لتأمينه عليه مشارك له في الدعاء، فالخصلتان الأولتان من خصوصيات هذه الأمة مطلقا، والثالثة من خصوصياتها على غير هذين الأخوين (الحارث) بن أبي أسامة في مسنده (وابن مردويه) في تفسيره (عن أنس) بن مالك.
1174 - (أعطيت خمسا) أي من الخصال، قاله في تبوك آخر غزواته (لم يعطهن) الفعلان مبينان للمفعول والفاعل الله (أحد من الأنبياء) أي لم تجتمع لأحد منهم أو كل واحدة لم تكن لأحد منهم (قبلي) فهي من الخصائص، وليست خصائصه منحصرة في الخمس بل هي تزيد على ثلاثمائة كما بينه الأئمة، والتخصيص بالعدد لا ينفي الزيادة، ولا مانع من كونه اطلع أولا على البعض ثم على البقية كما مر (فإن قيل) ذا إنما يتم لو ثبت تأخر الدال على الزيادة، قلنا إن ثبت فذاك، والأكمل أنه إخبار عن