فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٧٢٢
جامعا فإنه خلقه (وخواتمه) أي خواتم الكلام يعني حسن الوقف ورعاية الفواصل، فكان يبدأ كلامه بأعذب لفظ وأجزله وأفصحه وأوضحه ويختمه بما يشوق السامع إلى الإقبال على الاستماع مثله والحرص عليه (ش ع طب عن أبي موسى) الأشعري ورواه عنه الديلمي ورمز المصنف لحسنه.
1171 - (أعطيت مكان التوراة) أي بدل ما فيها، وكذا يقال فيما بعده وهي فوعلة لو صرفت من الورى وهو قدح الزناد من الزند استثقل اجتماع الواوين فقلبت أولاهما تاء، قال الحراني: فهي تورية بما هي نور أعقب ظلام ما وردت عليه من كفر من دعى إليها من الفراعنة فكان فيها هدى ونور (السبع الطوال) بكسر الطاء جمع طويلة وأما بضمها فمفرد كرجل طوال، وقال ابن الأثير: جمع طولى مثل الكبار في الكبرى وهذا البناء يلزمه الألف واللام والإضافة، وأولها البقرة وآخرها براءة - بجعل الأنفال وبراءة واحدة - وغير ذلك (وأعطيت مكان الزبور المئين) بفتح الميم وكسر الهمزة فمثناة تحت ساكنة أي السور التي أولها ما يلي الكهف لزيادة كل منها على مائة آية أو التي فيها القصص أو غير ذلك (وأعطيت مكان الإنجيل) من النجل وضع على زيادة إفعيل المزيد، معنى ما وضعت له هذه الصيغة وزيادة يائها مبالغة في المعنى، وأصل النجل استخراج خلاصة الشئ، ومنه قيل للولد نجل أبيه كأن الإنجيل استخلص خلاصة نور التوراة فأظهر باطن ما شرع في التوراة ظاهره فإن التوراة كتاب إحاطة الأمر الظاهر الذي يحيط بالأعمال وإصلاح أمر الدنيا وحصول الفوز من عاقبة يوم الآخرة فهو جامع إحاطة الأمر الظواهر، والإنجيل كتاب إحاطة الأمر الباطن يحيط بالأحوال النفسانية التي بها يقع لمح موجود الآخرة مع الاعراض عن إصلاح الدنيا بل مع هدمها والفرقان هو الكتاب الجامع المحيط بالظاهر والباطن (والمثاني) وهي السور التي آيها مائة أو أقل أو ما عدا السبع الطوال إلى المفصل: سمي مثاني لأنها أثنت السبع، أو لكونها قصرت عن المئين وزادت على المفصل أو لأن المئين جعلت مبادئ والتي تليها مثاني ثم المفصل وقيل غير ذلك (وفضلت بالمفصل) بضم الميم وفتح الفاء ومهملة مشددة ويسمى المحكم وآخره سورة الناس اتفاقا، وهل أوله الحجرات أو الجاثية أو القتال أو ق أو الصافات أو الصف. أقوال، رجح النووي وتبعه القاموس: الأول، وله طوال وأوساط.
وقصار مفصلة في الفروع وغيرها (طب هب) وكذا أحمد وكأن المصنف ذهل عنه وإلا لقدمه في العزو إليه على عادته (عن واثلة) بكسر المثلثة ابن الأسقع، قال الهيتمي: وفيه عمران القطان وثقه ابن حبان وضعفه النسائي وغيره أه‍. وأقول فيه أيضا عمرو بن مرزوق أورده الذهبي في الضعفاء، وقال كان يحيى بن سعيد لا يرضاه فنصيب الهيتمي لا يرضاه الجناية برأس عمران وحده خلاف الأنصار.
1172 - (أعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة) أولها: آمن الرسول (من كنز تحت العرش) قال الحافظ العراقي معناه أنها ادخرت له وكنزت له فلم يؤتها أحد قبله وكثير من آي القرآن
(٧٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 716 717 718 719 720 721 722 723 724 725 726 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة