فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٧١٧
الشروع في أخرى. ويحتمل أن المراد أوفوا القراءة حقها من الخشوع والخضوع اللذين هما بمنزلة الركوع والسجود في الصلاة، وإذا مررتم بآية سجدة فاسجدوا (ش) من حديث أبي العالية (عن بعض الصحابة) وسكت عليه عبد الحق مصححا له، قال ابن القطان وهو كما ذكر وزعم ضعفه باطل.
1161 - (أعطوا أعينكم حظها من العبادة) قالوا يا رسول الله وما حظها منها قال (النظر في المصحف) يعني قراءة القرآن نظرا في المصحف، فقراءته في المصحف أفضل من قراءته من حفظه، وبهذا أخذ أكثر السلف. قال النووي: وهكذا قاله أصحابنا وليس على إطلاقه، بل إن كان القارئ من حفظه يحصل له من التدبر والتفكر وجمع القلب والبصر أكثر من الحاصل من القراءة الحاصلة من المصحف فالقراءة من الحفظ أفضل. فإن استويا فمن المصحف أفضل. قال وهذا مراد الحديث (والتفكر فيه) أي تدبر آيات القرآن وتأمل معانيه، والتفكر كما في القاموس وغيره: إعمال النظر في الشئ (والاعتبار عند عجائبه) من أوامره وزواجره ومواعظه وأحكامه وقصصه ووجوه بلاغته وبديع رموزه وإشاراته، وعطف الاعتبار على التفكر لأنه نتيجته، والعجائب جمع عجيبة، والتعجب حيرة تعرض للإنسان لقصوره عن معرفة سبب الشئ أو عن معرفة كيفية تأثيره، واعلم أن الناس يتفاوتون في التدبر بحسب المعرفة والتقوى والفهم بالله والعارفون بالله لهم الحظ الأوفر من ذلك، وتتفاوت التجليات والتنزلات على أسطحة قلوبهم حال تدبرهم بحسب مقاماتهم، فالتدبر والخشوع مشرعه الأفكار السليمة فيشرب كل أحد منهم بحسب مشربه وهو منتهى الخشوع والخير كله حتى أن النحوي يأخذ منه أدلته وأمثلته. وقال ابن عربي: استنبطت منه بضعا وسبعين ألف علم (الحكيم) الترمذي في النوادر (هب عن أبي سعيد) الخدري وظاهر صنيع المؤلف أن البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل قالوا سنده ضعيف.
1162 - (أعطوا السائل) الذي يسأل التصدق عليه بصدقة غير مفروضة (وإن) لفظ رواية الموطأ ولو (جاء على فرس) يعني لا تردوه وإن جاء على حالة تدل على غناه كأن كان على فرس فإنه لو لم تدعه الحاجة إلى السؤال لما بذل وجهه، وزعم أن المراد لا تردوه وإن جاء على فرس يطلب علفه وطعامه ركيك متعسف. قال الحراني: ولو في مثل هذا السياق تجئ منبهة على أن ما قبلها جاء على سبيل الاستقصاء وما بعدها جاء تنصيصا على الحالة التي يظن أنها لا تندرج فيما قبلها فكونه جاء على فرس يؤذن بغناه فلا يليق أن يعطى فنص عليه دفعا للتوهم، وقال ابن حبان: هذه الواو لعطف حال على حال محذوفة يتضمنها السياق والمعنى أعطوه كائنا من كان ولا تجئ هذه الحال إلا منبهة على ما كان يتوهم أنه ليس مندرجا تحت عموم الحال المحذوفة فأدرج تحته. ألا ترى أنه لا يحسن: أعطوا السائل ولو كان فقيرا أه‍. ومقصود الحديث الحث على إعطاء السائل وإن جل ولو ما قل لكن إذا وجده ولم يعارضه ما هو أهم وإلا فلا ضير في رده كما يفيده قوله في الحديث المار؟ إذا رددت على السائل إلخ،
(٧١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 712 713 714 715 716 717 718 719 720 721 722 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة