بسببه وهو الذي قطع قلوب أعدائه وأخمد شوكتهم وبدد جموعهم وزاد في رواية مسيرة شهر وفي أخرى شهرين (وأعطيت مفاتيح) جمع مفتاح بكسر أوله اسم للآلة التي يفتح بها وهو في الأصل كل ما يتوصل به إلى استخراج المغلقات التي يتعذر الوصول إليها بها، ذكره ابن الأثير (خزائن الأرض) استعارة لوعد الله له بفتح البلاد. وهي جمع خزانة ما يخزن فيه الأموال مخزونة عند أهل البلاد قبل فتحها أو المراد خزائن العالم بأسره ليخرج لهم بقدر ما يستحقون فكلما ظهر في ذلك العالم فإنما يعطيه الذي بيده المفتاح بإذن الفتاح، وكما اختص سبحانه بمفاتيح علم الغيب الكلي فلا يعلمها إلا هو، خص حبيبه بإعطاء مفاتيح خزائن المواهب، فلا يخرج منها شئ إلا على يده (وسميت أحمد) فلم يسم به أحد قبله حماية من الله لئلا يدخل لبس على ضعيف القلب أو شك في كونه هو المنعوت بأحمد في الكتب السابقة (وجعل لي التراب طهورا) أي مطهرا عند تعذر الماء حسا أو شرعا. قال ابن حجر: وذا ينصر القول بأن التيمم خاص بالتراب إذ لو جاز بغيره لما اقتصر عليه (وجعلت أمتي خير الأمم) بنص * (كنتم خير أمة أخرجت للناس) * وشرف أمته من شرفه وليس المراد حصر خصائصه في الخمسة المذكورة بدليل خبر مسلم: فضلنا على الأنبياء بست، وفي رواية بسبع، وفي أخرى أكثر، ولا تعارض لاحتمال أنه اطلع أولا على بعض ما خص به ثم على الباقي أو أن البعض كان معروفا للمخاطب، على أن مفهوم العدد غير حجة على الأصح، واستدل به القرطبي على أن التيمم يرفع الحدث لتسويته بين التراب والماء في قوله طهورا وهو من أبنية المبالغة وهو قول لمالك ومشهور مذهبه أنه مبيح كمذهب الشافعي لا رافع (تنبيه) قال الحكيم الترمذي: إنما جعل تراب الأرض طهورا لهذه الأمة لأنها لما أحست بمولد نبيها انبسطت وتمددت وتطاولت وأزهرت وأينعت وافتخرت على السماء وسائر الخلق بأنه مني خلق وعلى ظهري تأتيه كرامة الله وعلى بقاعي يسجد بجبهته وفي بطني مدفنه فلما جرت رداء فخرها بذلك جعل ترابها طهورا لأمته، فالتيمم هدية من الله لهذه الأمة خاصة لتدوم لهم الطهارة في جميع الأحوال والأزمان (حم عن علي) أمير المؤمنين رمز المصنف لصحته وهو غير صواب كيف وقد أعله الهيتمي وغيره بأن فيه عبد الله بن محمد بن عقيل سئ الحفظ وإن كان صدوقا فالحديث حسن لا صحيح.
1170 - (أعطيت فواتح الكلام) أي البلاغة والفصاحة والتوصل إلى غوامض المعاني وبدائع الحكم ومحاسن العبارات التي أغلقت على غيره، وفي رواية مفاتح الكلم. قال الكرماني: أي لفظ قليل يفيد معنى كثيرا وهذا معنى البلاغة وشبه في الخبر المار ذلك القليل بمفاتيح الخزائن التي هي آلة الوصول إلى مخزونات متكاثرة (وجوامعه) التي جمعها الله فيه فكان كلامه جامعا كالقرآن في كونه