ابن من؟ قال ابن شهاب، قال ممن؟ قال من الحرقة، قال أين مسكنك؟ قال بحرة النار، قال بأيها؟
قال بذات لظى. قال أدرك أهلك فقد احترقوا، فكان كذلك (واعتبروا الصاحب بالصاحب) فإن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، والتعارف هو التشاكل المعنوي الموجب لاتحاد الذوق الذي يدرك ذوق صاحبه فذلك علة الائتلاف، كما أن التناكر ضده، ولذلك قيل فيه:
ولا يصحب الإنسان إلا نظيره * وإن لم يكونوا من قبيل ولا بلد وقيل: انظر من تصاحب فقل من نواة طرحت مع حصاة إلا أشبهتها، ولهذا قال الإمام الغزالي تبعا لبعض الحكماء لا يتفق اثنان في عشرة إلا وفي أحدهما وصف من الآخر حتى الطير، ورأي بعضهم مرة غرابا مع حمامة فاستبعد المناسبة بينهما ثم تأمل فوجدهما أعرجين، فإذا أردت أن تعرف من غابت عنك خلاله بموت أو غيبة أو عدم عشرة امتحن أخلاق صاحبه وجليسه بذلك، وذلك يدل على كماله أو نقصه كما يدل الدخان على النار ولهذا قيل فيه:
إذا أردت ترى فضيلة صاحب * فانظر بعين البحث من ندمائه فالمرء مطوي على علاته * طي الكتاب وتحته عنوانه وإذا صاحب الرجل غير شكله لم تدم صحبته (عد عن ابن مسعود) عبد الله مرفوعا (هب عنه) موقوفا. قال بعضهم: طرقه كلها ضعيفة لكن له شواهد كخبر الطبراني: اعتبروا الناس بإخوانهم.
1137 - (اعتدلوا في السجود) أي كونوا فيه متوسطين، وأوقعوه على الهيئة المأمور بها من وضع أكفكم فيه على الأرض ورفع مرافقكم عنها وعن أجنابكم ورفع بطونكم عن أفخاذكم لأنه أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة بالأرض (ولا يبسط) بالجزم على النهي أي المصلي (ذراعيه) أي لا يبسطهما فينبسط (انبساط الكلب) يعني لا يفرشهما على الأرض في الصلاة فإنه مكروه لإشعاره بالتهاون وقلة الاعتناء بالصلاة، ومن ذلك التقرير علم أن المراد بالاعتدال هنا إيقاع السجود على وفق الأمر وجوبا وندبا كما تقرر لا الاعتدال الجبلي المطلوب في الركوع فإنه استواء الظهر والعنق، والواجب هنا ارتفاع الأسافل على الأعالي وتمكين الجبهة مكشوفة بالأرض والتحامل عليها مع الطمأنينة فإذا حصل ذلك صحت صلاته وإن بسط ذراعيه ولم يجاف مرفقيه لكنه مكروه لهذا النهي والكلام من حيث التفريق في الذكر أما الأنثى فيسن لها الضم لأنه أستر لها كما مر. وقوله يبسط بمثناة فموحدة هو ما وقع في خط المؤلف تبعا للعمدة وغيرها، وفي رواية يبتسط بزيادة مثناة فوقية بعد الموحدة، وفيه إيماء إلى النهي عن التشبه بالحيوانات الخسيسة في الأخلاق والصفات وهيئة القعود ونحو ذلك (حم ق 4 عن أنس) بن مالك.