فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٧١٢
1148 - (أعذر الله إلى امرئ) أي سلب عذر ذلك الإنسان فلم يبق له عذرا يعتذر به كأن يقول: لو مد لي في الأجل لفعلت ما أمرت به، فالهمزة للسلب، أو بالغ في العذر إليه عن تعذيبه حيث (أخر أجله) يعني أطاله (حتى بلغ ستين سنة) لأنها قريبة من المعترك وهو سن الإنابة والرجوع وترقب المنية ومظنة انقضاء الأجل فلا ينبغي له حينئذ إلا الاستغفار ولزوم الطاعات والإقبال على الآخرة بكليته، ثم هذا مجاز من القول فإن العذر لا يتوجه على الله وإنما يتوجه له على العبد، وحقيقة المعنى فيه أن الله لم يترك له شيئا في الاعتذار يتمسك به، وهذا أصل الإعذار من الحاكم إلى المحكوم عليه، وقيل لحكيم: أي شئ أشد؟ قال دنو أجل وسوء عمل. قال القشيري: كان ببغداد فقيه يقرئ اثنين وعشرين علما فخرج يوما قاصدا مدرسته فسمع قائلا يقول:
إذا العشرون من شعبان ولت * فواصل شرب ليلك بالنهار ولا تشرب بأقداح صغار * فقد ضاق الزمان على الصغار فخرج هائما على وجهه حتى أتى مكة فمات بها (خ) في الرقائق (عن أبي هريرة) وفي الباب عن غيره أيضا.
1149 - (أعربوا) بفتح همزة القطع وسكون المهملة وكسر الراء من أعرب بمهملتين فموحدة (القرآن) أي تعرفوا ما فيه من بدائع العربية ودقائقها وأسرارها وليس المراد الإعراب المصطلح عليه عند النحاة لأن القراءة مع اللحن ليست قراءة ولا ثواب له فيها (والتمسوا) اطلبوا، وفي رواية للبيهقي: واتبعوا، بدل التمسوا (غرائبه) أي معنى ألفاظه التي يحتاج البحث عنها في اللغة أو فرائضه وحدوده وقصصه وأمثاله، ففيه علم الأولين والآخرين. قال الغزالي: ولا يعرفه إلا من طال في تدبر كلماته فكره، وصفا له فهمه، حتى تشهد له كل كلمة منه بأنه كلام جبار قهار وأنه خارج عن حد استطاعة البشر. وأسرار القرآن مخبأة في طي القصص والأخبار فكن حريصا على استنباطها ليكشف لك ما فيه من العجائب أه‍. وفيه أنه يجب أن يتعلم من النحو ما يفهم به القرآن والسنة لتوقف ما ذكر عليه (ش ك هب عن أبي هريرة) قال الحاكم صحيح عند جماعة. فرده الذهبي فقال: مجمع على ضعفه وتبعه العراقي فقال سنده ضعيف وقال الهيتمي: فيه متروك، وقال المناوي: فيه ضعيفان.
1150 - (أعربوا الكلام) أي تعلموا إعرابه، قيل: والمراد به هنا من يقابل اللحن (كي تعربوا القرآن) أي لأجل أن تنطقوا به سليما من غير لحن، وروى المرهبي أن عمر مر بقوم رموا رشقا
(٧١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 707 708 709 710 711 712 713 714 715 716 717 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة