1135 - (اعبدوا الرحمن) أي أفردوه بالعبادة فإنه المنعم بجلائل النعم ودقائقها أصولها وفروعها فخص اسم الرحمن للتنبيه على ذلك ولمناسبته لقوله (وأطعموا) بهمزة قطع (الطعام) للخاص والعام، البر والفاجر (وأفشوا) بهمز قطع مفتوحة (السلام) أظهروه وعموا به المؤمنين ولا تخصوا به المعارف إحياء للسنة ونشرا للأمان بين الأمة وقصدا إلى التحابب والتوادد واستكثارا للإخوان لأن كلمته إذا صدرت أخلصت القلوب الواعية لها عن النفرة إلى الإقبال عليها وهي أول كلمة تفاوض فيها آدم مع الملائكة (تدخلوا) بالجزم جواب الأمر (الجنة بسلام) أي إذا فعلتم ذلك ودمتم عليه وشملتكم الرحمة يقال لكم * (سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين) * آمنين * (لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون) * قال الزين العراقي فيه أن هذه الأعمال موصلة إلى الجنة وهو موافق لقوله تعالى * (تلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون) * (الزخرف: 43) ولا يشكل بخبر " لن يدخل أحدكم الجنة بعمله " لما قال ابن عباس إنهم يدخلونها بالرحمة ويقتسمون المنازل بالأعمال الصالحة، فعليه تكون وراثتهم للمنازل بهذه الأعمال الصالحة بفضل الله فهو الموفق لها والمجازي عليها فضلا منه لا وجوبا كما تقوله المعتزلة (خاتمة) قال المحققون: للعبادة درجات ثلاث الأولى أن يعبد الله طلبا للثواب وهربا من العقاب وهي نازلة جدا لأن معبوده بالحقيقة ذلك الثواب الثانية أن تعبده لتتشرف بعبادته، والنسبة إليه وهي أعلى لكنها غير خالصة إذ القصد بالذات غير الله والثالثة أن تعبده لكونه إلها وأنت عبده وهذه أعلاها (ت) وقال حسن صحيح (عن أبي هريرة) قال قلت يا رسول الله إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني فأنبئني عن كل شئ قال كل شئ يخلق من ماء قلت أنبئني بشئ إذا فعلته دخلت الجنة فذكره.
1136 - (اعتبروا) إرشادا (الأرض بأسمائها) أي تدبروها من قولهم عبرت الكتاب إذا تدبرته فإذا وجدتم اسم بقعة من البقاع مكروها فاستدلوا به على أن تلك البقعة مكروهة فاعدلوا عنها إن أمكن أو غيروا اسمها فإن معاني الأسماء مرتبطة بها مأخوذة منها حتى كأنها منها اشتقت ولذلك لما مر المصطفى صلى الله عليه وسلم في مسيره بين جبلين فقيل ما اسمهما؟ فقيل فاضح وفجر، فعدل عنهما. ولما نزل الحسين رضي الله عنه بكربلاء سأل عن اسمها فقيل كربلاء، فقال كرب وبلاء فكان ما كان. ولما وقفت حليمة السعدية على عبد المطلب قال من أين أنت؟ قالت من بني سعد: قال ما اسمك؟ قالت حليمة: قال بخ بخ سعد وحلم خصلتان فيهما غنى الدهر. وليس هذا من الطيرة المنهي عنها. ولما نزل الأشعث دير الجماجم ونزل الحجاج دير قرة قال استقر الأمر بيدي وتجمجم أمره، والله لأقتلنه، ونظيره في أسماء الآدميين ما في الموطأ عن عمر رضي الله عنه أنه قال لرجل ما اسمك؟ قال: جمرة، قال