فليس فيه بذل مال، فمخالف الأمر في بذله لمن لقيه قد بخل بمجرد النطق فهو أبخل من كل بخيل (طس عن أبي هريرة) قال الطبراني: لا يروى إلا بهذا الإسناد، قال المنذري وهو إسناد جيد قوي، وقال الهيتمي رجاله رجال الصحيح غير مسروق بن المرزبان وهو ثقة اه. وبه يعرف أن رمز المصنف لحسنه تقصير وحقه الرمز لصحته.
1146 - (اعدلوا بين أولادكم في النحل) أي سووا بينهم في العطايا والمواهب. والنحل بضم النون وسكون المهملة: العطية بغير عوض مصدر نحلته من العطية أنحله كما في الصحاح والاسم النحلة بتثليث النون (كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر) لكم بالكسر الإحسان (واللطف) بضم فسكون الرفق بكم. فإن انتظام المعاش والمعاد إنما يدور مع العدل، والتفاضل بينهم يجر إلى الشحناء والتباغض ومحبة بعضهم له وبغض بعضهم إياه، وينشأ عن ذلك العقوق ومنع الحقوق (طب) وكذا ابن حبان (عن النعمان بن بشير) وإسناده حسن.
1147 - (اعدى عدوك) يعني من أشد أعدائك عداوة لك، والعدو يكون للواحد والجمع والمؤنث والمذكر وقد يثنى ويجمع ويؤنث (زوجتك التي تضاجعك) في الفراش (وما ملكت يمينك) من الأرقاء لأنهم يوقعونك في الاثم والعقوبة، ولا عداوة أعظم من ذلك ولذلك حذر الله منهم بقوله * (إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم الآية) * وليس المراد من هذه العداوة ما يفهمه كثير من أنها عداوة البغضاء بل هي عداوة المحبة الصادة عن الهجرة والجهاد وتعليم العلم واكتساب المال من غير حله وإنفاقه في اللذات والشهوات، وأكثر ما يفوت من الكمالات الدينية فبسببهم، ولا يعارضه ما مر من الأمر بالاحسان إليهن والحث على الوصية بهن وإخباره صلى الله عليه وسلم أنه يحب فاطمة والحسنين لأن المراد أنه يحسن إليهم ويتلطف بهم ويعاملهم بحسن الخلق ويحبهم ويحترس مع ذلك من إيقاعهم إياه فيما لا يسوغ شرعا. والعداوة من الحليلة والولد للرجل أعظم وأكثر وقوعا لنقص عقل المرأة والصغير وعدم التفاتهم إلى ما ينجي في الآخرة وقطع نظرهم على تحصيل اللذات والمشتهيات وقد يتفق أن يحمل الرجل زوجته أو ولده على تحصيل المال من غير حله وإنفاقه في شهوات النفوس فيكون عدوا لهما، وقد يشتد شغف المرأة بالرجل فتكسب المال من غير حله لترضيه به وذلك كله نادر فلم ينظر إليه (تنبيه) قال الغزالي: لا تعلم ولدك وأهلك فضلا عن غيرهم مقدار مالك فإنهم إن رأوه قليلا هنت عليهم، وإن رأوه كثيرا لم تبلغ قط رضاهم وادفعهم من غير عنف ولن لهم من غير ضعف، ولا تهازلهم فيسقط وقارك (فر عن أبي مالك الأشعري) الصحابي المشهور.