فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٧٠٤
1133 - (اعبد الله كأنك تراه) ومحال أن تراه وتشهد معه سواه وهذا يسمى مقام المشاهدة والمراقبة وهو أن لا يلتفت العابد في عبادته بظاهره إلى ما يلهيه عن مقصوده ولا يشتغل باطنه بما يشغله عن مشاهدة معبوده فإن لم يحصل له هذا المقام هبط إلى مقام المراقبة المشار إليه بقوله (فإن لم تكن تراه فإنه يراك) أي أنك بمرأى من ربك لا يخفاه شئ من أمرك ومن علم أن معبوده مشاهد لعبادته تعين عليه تزيين ظاهره بالخشوع وباطنه بالإخلاص والحضور فإنه * (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) * وفيه حث على كمال الإخلاص ولزوم المراقبة. قيل راود رجل امرأة فقالت ألا تستحي فقال لا يرانا إلا الكواكب قالت فأين أنت من مكوكبها؟ وقال العارف ابن عربي لو لم يبصرك ولم يسمعك لجهل كثيرا منك ونسبة الجهل إليه محال فلا سبيل إلى نفي هاتين الصفتين عنه بحال (واحسب نفسك مع الموتى) أي عد نفسك من أهل القبور وكن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل (واتق دعوة المظلوم) أي دعواته إذ هو مفرد مضاف (فإنها مستجابة) ولو بعد حين كما سبق (حل عن زيد بن أرقم) ابن زيد بن قيس الأنصاري صحابي مشهور أول مشاهده الخندق، رمز المصنف لحسنه.
1134 - (اعبد الله ولا تشرك به شيئا وزل) بضم الزاي وسكون اللام من الزوال وهو الذهاب (مع القرآن أينما زال) أي ارتحل معه أينما ارتحل فأحل حلاله وحرم حرامه وراع أحكامه ودر معه كيفما دار فإنه المزيل لأمراض الشبه المفسدة للعلم والتصور والإدراك كفيل برد النحل الباطلة والمذاهب الفاسدة على أحسن الوجوه وأقربها إلى العقول وأفصحها وأنجحها، وأنفع الأغذية غذاء الإيمان وأنفع الأدوية دواء القرآن (واقبل الحق) أي قوله وفعله (ممن جاء به من صغير أو كبير) أي من مسن أو حديث السن أو جليل العذر أو وضيع فالمراد الصغير والكبير حسا ومعنى (وإن كان بغيضا) لك (بعيدا) منك بعدا حسيا أو معنويا (واردد الباطل) بشرط سلامة العاقبة (ممن جاء به من صغير أو كبير وإن كان حبيبا) لك (أو قريبا) منك حسا أو معنى نسيبا أو غيره والخطاب وإن كان ورد جوابا لسؤال طالب للتعليم لكن المراد به العموم وفيه وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن الوجوب لا يسقط لكون الآتي بالباطل حبيبا أو قريبا كالأصل والفرع والشيخ والسيد والحاكم والقاضي بشرطه (ابن عساكر) في التاريخ (عن ابن مسعود) قال قلت للنبي صلى الله عليه وسلم علمني كلمات جوامع نوافع فذكره ورواه عن الديلمي أيضا باللفظ المذكور وفيه عبد القدوس بن حبيب الدمشقي قال الذهبي في الضعفاء تركوه.
(٧٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 699 700 701 702 703 704 705 706 707 708 709 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة