فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥٩١
912 - (أربع) من الخصال (إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا) أي لا بأس عليك وقت فوت الدنيا إن حصلت هذه الخصال (صدق الحديث) أي ضبط اللسان وعفته عن الكذب والبهتان (وحفظ الأمانة) بأن يحفظ جوارحه وما اؤتمن عليه، فإن الكذوب والخائن لا قدر لهما عند لله (وحسن الخلق) بالضم بأن يكون حسن العشرة مع خلق الله (وعفة مطعم) بفتح الميم والعين: بأن لا يطعم حراما ولا ما قويت الشبهة فيه ولا يزيد عن الكفاية حتى من الحلال ولا يكثر من الأكل. وأطلق الأمانة لتشيع في جنسها، فيراعى أمانة الله في التكاليف. وأمانة الخلق في الحفظ والأداء. ثم إن ما ذكر من أن سياق الحديث ذلك هو ما في رواية أحمد وغيره، لكن لفظ رواية البيهقي بدل وحسن إلخ:
وحسن خليقة وعفة طعمة (حم طب ك هب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيتمي بعد ما عزاه لأحمد والطبراني فيه ابن لهيعة، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح (طب عن ابن عمرو) بن العاص، قال العراقي: وفيه أيضا ابن لهيعة اه‍. وقضية إفراد المصنف للطبراني بحديث ابن عمرو: تفرده به عن الأولين جميعا والأمر بخلافه، بل رواه البيهقي في الشعب عنه أيضا عقب الأول ثم قال: هذا الإسناد أتم وأصح. اه‍. فاقتصار المصنف على عزو الأول إليه وحذفه من الثاني مع كونه قال إنه الأصح: من ضيق العطن (عد وابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس) قال الهيتمي: إسناد أحمد وابن أبي الدنيا والطبراني حسن. اه‍. وقال المنذري: رواه أحمد وابن أبي الدنيا والطبراني والبيهقي بأسانيد حسنة وفيه عند البيهقي شعيب بن يحيى. قال أبو حاتم ليس بمعروف. وقال الذهبي بل ثقة عن ابن لهيعة وفيه ضعف.
913 - (أربع في أمتي من أمر الجاهلية) أي من أفعال أهلها: يعني أنها معاصي يأتونها مع اعتقاد حرمتها. والجاهلية: ما قبل البعثة، سموا به لفرط جهلهم (لا يتركونهن) أي لا تترك أمتي شيئا من تلك الخصال الأربع. قال الطيبي: قوله في أمتي: خبر لأربع: أي خصال أربع كائنة في أمتي ومن أمر الجاهلية. ولا يتركونهن: حالان من الضمير المتحول إلى الجار والمجرور، وهذا خرج مخرج الذم والتعييب لها، فأولها (الفخر في الأحساب) أي الشرف بالآباء والتعاظم بعد مناقبهم ومآثرهم وفضائلهم، وذلك جهل، فلا فخر إلا بالطاعة، ولا عز لأحد إلا بالله. والأحساب جمع حسب وهو ما يعده المرء من الخصال له أو لآبائه من نحو شجاعة، وفصاحة، والثاني (الطعن في الأنساب) أي الوقوع فيها بنحو ذم وعيب: بأن يقدح في نسب أحد من الناس، فيقول ليس هو من ذرية فلان، وذلك يحرم، لأنه هجوم على الغيب ودخول فيما لا يعني، والأنساب لا تعرف إلا من أهلها قال
(٥٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 586 587 588 589 590 591 592 593 594 595 596 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة