وتعقبه المؤلف بأن العراقي اختصر في تخريج الإحياء على تضعيفه، وأنت خبير بأن هذا التعقيب أوهن من بيت العنكبوت، وبأن له عند الديلمي شاهدا من حديث أصرم هذا وعن علي مرفوعا: أكل العشاء والنوم عليه قسوة في القلب، هذا حاصل تعقبه.
908 - (أرأف) في رواية للطبراني وغيره: أرحم (أمتي بأمتي) أي أكثرهم رأفة: أي شدة رحمة (أبو بكر) لأن شأنه العطف والرحمة واللين والقيام برعاية تدبير الحق تعالى ومراقبة صنعه، فكان يدور مع الله في التدبير ويستعمل اللين مع الكبير والصغير. والرأفة أرق الرحمة. كذا ذكره أهل المعاني.
وقال الحراني هي عطف العاطف على من يجد عنده منة وصلة، فهي رحمة ذي الصلة بالراحم (وأشدهم) ذكره نظيرا للمعنى: أقواهم صرامة وأصلبهم شكيمة (في دين الله عمر) لغلبة سلطان الجلال على قلبه، فأبو بكر مع المبتدأ وهو الإيمان، وعمر مع ما يتلوه وهو الشريعة لأن حق الله على عباده أن يوحدوه، فإذا وحدوه فحقه أن يعبدوه بما أمر ونهى، ولذا قبل لأبي بكر: الصديق، لأنه صدق بالإيمان بكمال الصدق، وعمر فاروق لأنه فرق بين الحق والباطل. وأسماؤهما تدل على مراتبهما بالقلوب وشأن درجتهما في الأخبار متواترة (وأصدقهم حياء) من الله ومن الخلق (عثمان) بن عفان فكان يستحي حتى من حلائله وفي خلوته. ولشدة حيائه كانت تستحي منه ملائكة الرحمن، وسيجئ في خبر: إن الحياء من الإيمان فكأنه قال أصدق الناس إيمانا عثمان، وفي خبر: الحياء لا يأتي إلا بخير فكأنه قال عثمان لا يأتي منه إلا الخير أو لا يأتي إلا بالخير (وأقضاهم علي) أي أعرفهم بالقضاء بأحكام الشرع. قال السمهودي: ومعلوم أن العلم هو مادة القضاء. قال الزمخشري: سافر رجل مع صحب له فلم يرجع حين رجعوا فاتهمهم أهله، فرفعوهم إلى شريح، فسألهم البينة على قتله، فارتفعوا إلى علي فأخبروه بقول شريح فقال:
أوردها سعد وسعد مشتمل * ما هكذا يا سعد تورد الإبل ثم قال إن أصل السقي التشريع، ثم فرق بينهم وسألهم. فاختلفوا ثم أقروا بقتله فقتلهم به:
وأخباره في هذا الباب مع عمر وغيره لا تكاد تحصى. قالوا وكما أنه أقضى الصحب في العلم الظاهر فهو أفقههم بالعلم الباطن: قال الحكيم الترمذي في قول المصطفى صلى الله عليه وسلم لعلي: البس الحلة التي خبأتها لك: هي عندنا حلة التوحيد، فإن الغالب على علي التقدم في علم التوحيد، وبه كان يبرز على عامة أصحاب رسول الله صلى الله عليه سلم. إلى هنا كلامه. (وأفرضهم) أي أكثرهم علما بمسائل قسمة المواريث وهو علم الفرائض (زيد بن ثابت) أي أنه يصير كذلك، ومن ثم كان الحبر ابن عباس يتوسد عتبة بابه ليأخذ عنه (وأقرؤهم) أي أعلمهم بقراءة القرآن (أبي) بن كعب بالنسبة لجماعة مخصوصين أو وقت من