فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥٩٣
كسلم وزنا ومعنى وعند أهل الحجاز برأ من المرض من باب قطع وفي الأساس فلان بارئ من علته وتقول العرب حق على البارئ من اعتلاله أن يؤدي شكر البارئ في إبلاله (ودعوة الأخ لأخيه) في الإسلام وإن كان حاضرا فيما يظهر (بظهر الغيب) أي وهو لا يشعر به لأنها أبلغ في الإخلاص ولأنه سبحانه يعينه في دعائه كما ينطق به خبر إن الله في عون العبد (وأسرع هؤلاء الدعوات) إجابة أو قبولا (دعوة الأخ لأخيه بظهر الغيب) والغيب ما غاب عنك وحتى في القرائن الأربع بمعنى إلى نحو سرت حتى تغيب الشمس وهذا وإن أوهم أن دعاء هؤلاء لا يستجاب بعد ذلك لكن الأسباب مختلفة فيكون سبب الإجابة حينئذ أمر آخر غير المذكور ولفظ الظهر مقحم ومحله نصب على الحال من المضاف إليه لأن الدعوة مصدر أضيف إلى الفاعل ذكره الطيبي (فر عن ابن عباس) وفيه عبد الرحمن بن زيد الحواري قال الذهبي قال البخاري تركوه.
916 - (أربع) من الخصال قال الكرماني مبتدأ بتقدير أربع خصال وإلا فهو نكرة صرفة والشرطية خبره ويحتمل كون الشرطية صفة وإذا حدث إلخ خبره وقال التفتازاني أربع مبتدأ والجملة بعده صفة له قال: والأحسن أن يجعل أربع خبرا مقدما أو مبتدأ لخبر وخصاله من إذا مفسر أي في الوجود أربع (من كن فيه كان منافقا خالصا) نفاق عمل لا نفاق إيمان (ومن كانت فيه خصلة) بفتح الخاء (منهن) أي من هؤلاء الأربع (كان فيه خصلة) بفتح الخاء أي خلة (من النفاق حتى يدعها) أي يتركها قال الحافظ ابن حجر النفاق لغة مخالفة الباطن للظاهر فإن كان في اعتقاد الايمان فهو نفاق الكفر وإلا نفاق العمل ويدخل فيه الفعل والترك وستفاوت مراتبه وقوله خالصا أي شديد الشبه بالمنافقين بسبب هذه الخصال لغلبتها عليه ومصيرها خلقا وعادة وديدنا له (إذا حدث) أي أخبر عن ماضي الأحوال (كذب) لتمهيد معذورته في التقصير (وإذا وعد) بإيفاء عهد الله (أخلف) أي لم يف (وإذا عاهد غدر) أي نقص العهد (وإذا خاصم فجر) مال في الخصومة عن الحق وقال الباطل قال البيضاوي يحتمل أن يكون هذا مختصا بأبناء زمانه فإنه علم بنور الوحي بواطن أحوالهم وميز بين من آمن به صدقا ومن أذعن له نفاقا وأراد تعريف أصحابه بحالهم ليحذروهم ولم يصرح بأسمائهم لعلمه بأن منهم من يتوب فلم يفضحهم ولأن عدم التعيين أوقع في النصيحة وأجلب للدعوة إلى الإيمان وأبعد عن النفور والمخاصمة ويحتمل كونه عاما لينزجر الكل عن هذه الخصال على آكد وجه إيذانا بأنها طلائع النفاق الذي هو أسمج القبائح فإنه كفرتموه باستهزاء وخداع مع رب الأرباب ومسيب الأسباب فعلم من ذلك أنها منافية لحال المسلمين فينبغي للمسلم أن لا يرتع حولها فإن من رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه ويحتمل أن المراد بالمنافق العرفي وهو من يخالف سره عليه مطلقا ويشهد له قوله من كان فيه خصلة منهن إلخ لأن الخصائل التي تتم بها المخالفة بين السر والعلن لا يزيد على هذا فإن نقص منها
(٥٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 588 589 590 591 592 593 594 595 596 597 598 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة