فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥٨٦
وجهتكم (عن مساويهم) فإن سب المسلم غير المعلن بفسقه حرام شديد التحريم والمساوي جمع مسوى بفتح الميم والواو، وكل منهما إما مصدر ميمي نعت به ثم جمع أو اسم مكان بمعنى الأمر الذي فيه الحسن والسوء فأطلق على المنعوت به مجازا: يعني لا تذكروهم إلا بخير فذكر محاسنهم مندوب وذكر مساويهم حرام إلا لضرورة أو مصلحة كتحذير من بدعة أو ضلالة كما يشير إليه أخبار المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن الثملة التي غلها مدغم تلتهب عليه نارا. فإنه بيان لحكم الله والتحذير من الغلول قال النووي:
قال أصحابنا وإذا رأى غاسل الميت ما يعجبه من نحو استنارة وجه وطيب ريح سن له أن يحدث الناس به، وإن رأى ما يكره كسواد وجه ونتن ريح وتغير عضو حرم عليه أن يحدث به لهذا الحديث (تنبيه) قال الطيبي المأمور والمنهي بهذا الأمر إن كان من الصالحين فكما إن ذكرهم محاسن الموتى يؤثر منهم فذكرهم مساويهم ذلك فإنهم شهداء الله في الأرض، فعليه أن لا يسعى في ضرر الغير وإن كان المأمور والمنهي غيرهم فأثر النفع والضرر راجع على الغاسل فعليه أن يجتنب عما يتضرر بذكره ويتحرى ما له نفع فيه (د ت ك هق) وكذا الطبراني كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه عمران أنس المكي قال الترمذي عن البخاري منكر الحديث وقال العقيلي لا يتابع على حديثه وقال في المهذب: قال البخاري عمران منكر الحديث.
906 - (أذن لي) بالبناء للمفعول والآذن له هو الله ولولا الإذن لم يجز له التحديث، فهو تنبيه على أن من اطلعه الله على شئ من الأسرار ثم أفشاه بغير إذن عذب بالنار. وهذا محتمل لأن يكون رآه وأن يكون أوحى إليه به (أن أحدث أصحابي) أو أمتي (عن ملك) بفتح اللام: أي عن شأنه أو عظم خلقه (من ملائكة الله تعالى) قيل هو إسرافيل، أضيف إليه لمزيد التفخيم والتعظيم (من حملة العرش) أي من الذين يحملون عرش الرحمن الذي هو أعظم المخلوقات المحيط بجميع العوامل. والعرش السرير (ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة) وفي رواية سبعين عاما. أي بالفرس الجواد كما في خبر آخر فما ظنك بطوله وعظم جثته؟ قال الطيبي: والمراد بسبعمائة عام هنا التكثير لا التحديد، لأنه أليق بالكلام وأدعى للمقام، وقال اذن لي ليفيد أن علم الغيب مختص به تعالى لكنه يطلع منه من شاء على ما شاء. وليس على من أطلعه أن يحدث إلا بإذنه. وشحمة الآذن ما لان من أسفلها، وهو معلق القرط، والعاتق ما بين المنكب والعنق، وهو موضع الرداء، يذكر ويؤنث (فإن قلت) الملائكة أجسام نورانية، والأنوار لا توصف بالأذن والعنق (قلت) لا مانع من تشكل النور على هيئة الإنسان، وأن ضرب الأذن والعاتق مثلا مقربا للأفهام. (تنبيه) قال الإمام الرازي: اتفق المسلمون على أن فوق السماء جسم عظيم هو العرش. - (د) في السنة (والضياء) المقدسي في المختارة (عن جابر) وسكت عليه أبو داود ورواه عنه الطبراني في الأوسط، وقال الهيتمي رجاله رجال الصحيح ورواه الطبراني فيه أيضا عن أنس بزيادة ولفظه: أذن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش رجلاه في الأرض السفلى وعلى قرنه العرش وبين شحمة أذنه وعاتقه خفقان الطير سبعمائة سنة، يقول ذلك الملك: سبحانك حيث كنت. وفيه
(٥٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 581 582 583 584 585 586 587 588 589 590 591 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة