فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥٩٧
وأهل حرفته الذين لا بد له من مخالطتهم (صالحين) أي قائمين بحقوق الله وحقوق خلقه (وأن يكون رزقه) أي ما يرتزق منه من حرفة أو صناعة أو تجارة (في بلده) أي في محل إقامته بلدا كان أو غيره وخص البلد لأن الغالب الإقامة فيه والمراد أنه ليحصل كد الأسفار الشاسعة واقتحام المفاوز النائية وهذه حالة فاضلة وأعلى منها أن يأتيه من حيث لا يحتسب كما مر في خبره ويقاس بالرجل المرأة فيقال أربع من سعادة المرأة أن يكون زوجها صالحا وهكذا (ابن عساكر) في تاريخه (فر عن علي) أمير المؤمنين وفيه سهل بن عامر البجلي قال الذهبي في الضعفاء كذبه أبو حاتم (ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان عن عبد الله بن الحكم) ابن أبي زياد العطواني صدوق مات بالكوفة (عن أبيه) الحكم (عن جده) أبي زياد الكوفي المذكور رمز المصنف لضعفه.
921 - (أربع) وفي رواية أربعة (من) أي من علامات (الشقاء) ضد السعادة (جمود العين) قلة دمعها كناية عن قسوة القلب، كذا قيل، وعليه فالعطف في قوله (وقسوة القلب) تفسيري والأوجه أن يقال إنه إشارة إلى قلة دمع العين إنما يكون من علامة الشقاء إذا كان ناشئا عن قسوة القلب وأنه لا تلازم بينهما وقسوته غلطته وشدته وصلابته في غير الله (والحرص) أي الرغبة في الدنيا والانهماك في تحصيلها وطلب الازدياد منها والحرص يحتاجه الإنسان لكن بقدر معلوم فإذا تعدى الحد المحدود فقد أفسد دينه فكان بهذا الوجه من علامات الشقاء (وطول الأمل) بالتحريك رجاء الإكثار من الإقامة في الدنيا وزيادة الغنى. قال الثوري قصر الأمل الذي هو الزهد ليس مذموما. وأناط الحكم بطوله ليخرج أصله فإنه لا بد منه في بقاء هذا العالم إذ لولاه لما أرضعت والدة ولدا ولا غرس غارس شجرا فهو رحمة من الله على عباده كما يأتي في حديث قال الثوري قصر الأمل الذي هو الزهد ليس بلبس العباءة ولا بأكل الخشن وقال الفضيل ما أطال رجل الأمل إلا أساء العمل وكتب ابن أدهم إلى سفيان من عرف ما يطلب هان عليه ما يبذل ومن أطلق بصره طال أسفه ومن أطلق أمله ساء عمله ومن أطلق لسانه قتل نفسه وقال ابن الوردي ومن كانت الدنيا أمله والخطايا عمله عظيم بطشه قليل فهمه عالم بدنياه جاهل بآخرته فويل له ويل له.
(فائدة) شكى رجل إلى الحسن البصري قسوة قلبه فقال عليك بمجالسة الذكر والإحسان (عد حل عن أنس) من حديث الحسن بن علي عن أبي سعيد المازني عن الحجاج بن منهال عن صالح المري عن يزيد الرقاشي عن أنس ثم قال مخرجه أبو نعيم تفرد برفعه متصلا عن صالح الحجاج انتهى وقال الهيتمي صالح المري ضعيف وفي الميزان هذا حديث منكر انتهى والحسن بن عثمان قال الذهبي في الضعفاء كذيه ابن عدي ويزيد الرقاشي متروك ورواه البزار من طريق فيها هانئ المتوكل فقال الهيتمي هو ضعيف جدا ولذا حكم ابن الجوزي بوضعه وأقره عليه المؤلف في مختصر الموضوعات.
(٥٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 592 593 594 595 596 597 598 599 600 601 602 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة