إن كان قام منه ليعود إليه لأن له غرضا في لزوم ذلك المحل ليألفه الناس. قال النووي: قال أصحابنا هذا فيمن جلس بمحل من نحو مسجد أو غيره لنحو صلاة ثم فارقه ليعود كإرادة وضوء أو شغل يسير فلا يبطل اختصاصه به وله أن يقيم من قعد فيه، وعلى القاعد أن يطيعه، وهل يجب؟ وجهان أصحهما الوجوب والثاني يستحب وهو مذهب مالك. قال - أعني النووي - وإنما يكون أحق في تلك الصلاة فقط. ومن ألف من مسجد محلا ليفتي أو يقرئ فله أن يقيم من قعد فيه، ومثله من سبق إلى محل من الشارع ومقاعد الأسواق لمعاملة. وظاهر الحديث عدم اشتراط إذن الإمام (حم خد م د ه عن أبي هريرة حم عن وهب بن حذيفة) الغفاري، ويقال المدني سكن المدينة، ووهم في المطلب فعزاه للبخاري وليس فيه.
785 - (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يغمض) فيها (عينيه) ندبا. بل يديم النظر إلى محل سجوده فإن غمضهما بغير عذر كره تنزيها، لأنه فعل اليهود. نعم إن اقتضت المصلحة التغميض كتوفر الخشوع وحضور القلب - لم يكره كما عليه أكثر الشافعية (طب عد ابن عباس) وفيه مصعب المصيصي. قال مخرجه ابن عدي يحدث عن الثقات بالمناكير ثم ساق له هذا الخبر.
786 - (إذا قام أحدكم إلى الصلاة) أي دخل فيها (فإن الرحمة تواجهه) أي تنزل به وتقبل عليه (فلا يمسح) حال الصلاة ندبا (الحصا) ونحوه الذي بمحل سجوده، لأن الشغل بذلك لعب لا يليق بمن شملته الرحمة ولأنه ينافي الخشوع والخضوع ويشغل المصلي عن مراقبة الرحمة المواجهة له فيفوته حظه منها، ومن ثم حكى النووي الاتفاق على كراهته لكن نوزع بفعل مالك له. نعم له دفع ما يتأذى به بنحو تسوية محل السجود فلا يكره قبل الصلاة وبعدها، وقيل المراد مسح الحصا والتراب الذي يعلق بجبهته، فإن كثف فمنع مباشرة الجبهة للسجود وجبت الإزالة قال العراقي: وتقييد المسح بالحصى غالبي لكونه كان فرش مساجدهم، وأيضا هو مفهوم لقب فلا يدل تعليق الحكم به على نفيه عن غيره من كل ما يصلي عليه من نحو رمل وتراب وطين، وقدم التعليل زيادة في تأكد النهي وتنبيها على عظم ثواب ترك العبث في الصلاة وإعلاما للمصلي بعظمة ما يواجهه فيها، فكأنه يقول: لا ينبغي لعاقل يلقي تلك النعم الخطيرة بهذه الفعلة الحقيرة (حم عد حب عن أبي ذر).
787 - (إذا قام العبد في صلاته ذر) بضم المعجمة وتشديد الراء، فهو مبني للمفعول أو ذر الله أو الملك بأمره ويصح بناؤه للفاعل بفتح الذال، والفاعل معروف (البر) بكسر الموحدة أي ألقي الإحسان (على رأسه) ونشره عليه ويستمر ذلك (حتى يركع، فإذا ركع علته) بمثناة فوقية وما في