فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٥٣٨
لأنها حادثة وكل حادث يفنى وهو قول الجهمية. السادس تفنى حركاتهم البتة. وهو قول العلائي السابع يخرج أهلها منها ويزول عذابها. جاء عن بعض الصحب أخرجه عبد بن حميد في تفسيره عن عمر من قوله وهو منقطع. ونصره بعض المتأخرين من جهة النظر وهو مذهب ردئ أطنب السبكي في رده، وقد مر ذلك بأبسط من هذا (ت عن أبي سعيد) الخدري.
(1) (إذا كان يوم القيامة أتى بصحف جمع صحيفة، قال الزمخشري: وهو قطعة من جلد أو قرطاس يكتب فيه (مختتمة) أي مطبوع عليها بما يمنع من النظر إلى ما فيها (تنصب بين يدي الله) تعالى: أي تظهر وتقام ويقرأ ما فيها بين يديه (فيقول الله للملائكة اقبلوا هذا العمل) وهو عبارة عن الاعتداد وإثابة فاعله عليه (وألقوا هذا العمل) وهو عبارة عن رده وعدم الاعتداد به (فتقول الملائكة: وعزتك ما رأينا إلا خيرا فيقول) نعم (ولكن كان) عمل (لغيري) أي عمل العامل قاصدا به رياء أو نحوه (ولا أقبل اليوم إلا ما ابتغى وبه وجهي) بين أن الرياء يحبط العمل ويخرجه عن كونه قربة مستوجبا للثواب بها لوعد من الله. لكن هذا في الرياء المض. فإن تبعض أثيب بالحصة عند كثير.
واعتبر آخرون غلبة الباعث. واختار الإمام الغزالي الأخذ بالإطلاق: وأنه متى تطرق منه شعبة إلى العمل ارتفع القبول. وشرح ذلك يطول (سمويه) بشد الميم بوزن علوية وهو إسماعيل بن عبد الله (عن أنس) بن مالك (2) (إذا كان يوم القيامة نودي: أين أبناء الستين) من السنين وهو العمر الذي قال الله تعالى فيه في كتابه العزيز * (أولم نعمركم ما - مفعول مطلق أي تعميرا - يتذكر فيه من تذكر) * (فاطر: 37) أي أراد أن يتذكر؟ ومبدأ التذكر تمام العقل، وهو بالبلوغ والستون نهاية زمن التذكر، وما بعده هرم (طب هق عن ابن عباس) (3) (إذا كان يوم القيامة عرف) بالبناء للمفعول الكافر بعمله) أي عرفه الملائكة بما الدنيا وعددتها له (فجحد) أي أنكر صدورها منه (وخاصم) الملائكة (فيقال) له (هؤلاء جيرانك) في دار الدنيا يشهدون عليك) بما عملته (فيقول كذبوا، فتقول) بمثناة فوقية أوله، يعني الملائكة، أو بمثناة تحتية أي الملك الموكل به (أهلك وعشيرتك) أي معاشروك الذين أيديهم وأيديك واحدة: والعشيرة كما في الصحاح وغيره - القبيلة، والمعاشر المخالط (فيقول كذبوا، فيقول احلفوا فيحلفون) أي فيشهد أهله وجيرانه فيكذبهم، فتقول لهم الملائكة أو الملك: احلفوا أنه عمل ذلك، فحلفون أنه فعله (ثم يصمتهم الله) أي يسكتهم، والتصميت - كما في الصحاح وغيره - التسكيت (وتشهد عليهم ألسنتهم) شهادة حقيقية (فيدخلهم النار) أي يقضي عليهم بدخول نار جهنم خالدين فيها أبدا (ع ك عن أبي سعيد) الخدري.
(٥٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة