فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٣٤٥
الهدهد لأنه ينظر الماء من تحت الأرض كيف ينظره والصبي ينصب له الفخ فلا يراه حتى يقع فيه قال ويحك أما علمت أن القضاء إذا نزل عمي البصر؟ وقيل لم يرد بسلبها رفعها بل سلب نورها وحجبها بحجاب القدرة مع بقاء صورتها فكم من مترد في مهلكة وهو يبصرها ومفوت منفعة في دينه أو دنياه وهو مشرف عليها، قال تعالى * (وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون) * (حتى ينفذ فيهم قضاؤه وقدره فإذا مضى) وفي نسخ أمضى بألف وهو تحريف من النساخ فإن الألف لا وجود لها في خط المصنف (أمره) الذي قدره (رد إليهم عقولهم) فأدركوا قبح ما فرط منهم (ووقعت الندامة) الأسف والحزن ومنه علم أن العبد لا يملك لنفسه صرا ولا نفعا وأنه لا راد لقضائه بالنقض ولا معقب لحكمه بالرد وهذا أصل تفرق الأهواء والسبل واختلاف الملل والنحل وذلك لأنهم لما كلفوا بالاقرار بالوحدانية من طريق الخبر وحجبوا عن تعين المخبر به وهو معاينته بالقلب توددوا واضطربوا فرجعوا إلى عقول مسلوبة وأفهام محجوبة وتحيروا في ظلمة أنفسهم وضعفت أبصار فكرهم فلم يبصروا فحصلت قلوبهم في أكنة الخذلان وعليها الصدأ والحرمان (فر) وكذا أبو نعيم في تاريخ أصبهان (عن أنس) بن مالك (وعلي) أمير المؤمنين وفيه سعيد بن سماك بن حرب متروك كذاب فكان الأولى حذفه من الكتاب وفي الميزان خبر منكر، ثم إن ما ذكر من أن الديلمي خرجه من حديث أنس وعلي هو ما رأيته في نسخ الكتاب كالفردوس وذكر المؤلف في الدرر أن البيهقي والخطيب خرجاه من حديث ابن عباس وقال إسناده ضعيف.
407 - (إذا أراد الله خلق شئ لم يمنعه شئ) فإذا أراد خلق الولد من المني لم يمنعه العزل بل يكون وإن عزل وهذا قاله لما سئل عن العزل فأخبر أنه لا يغني حذر من قدر. وفي إفهامه أن العزل لا يحرم مطلقا فإنه لم ينههم وهو مذهب الإمام الشافعي والنهي عنه محمول على التنزيه جمعا بين الأدلة.
(م) في النكاح (عن أبي سعيد) الخدري فظاهر صنيع المؤلف أن هذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه والأمر بخلافه فقد عزاه في الفردوس للبخاري.
408 - (إذا أراد الله بقوم قحطا) جدبا وشدة واحتباس مطر (نادى مناد) أي أمر ملكا أن ينادي (في السماء) أي من جهة العلو ويحتمل أنه جبريل لأنه الموكل بإنزال الرحمة والعذاب (يا أمعاء) وفي نسخ يا معاء بكسر الميم وقد تفتح مقصورا أي يا مصارين أولئك القوم (اتسعي) أي تفسحي حتى لا يملأك إلا أكثر مما كان يملؤك أولا (ويا عين لا تشبعي) أي لا تمتلئي بل انظري نظر شره وشدة شبق للأكل وأضاف عدم الشبع إليها مجازا (ويا بركة) أي يا زيادة في الخير (ارتفعي) أي انتقلي عنهم
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة