فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٣٤٠
396 - (إذا أراد الله بالأمير) على الرعية وهو الإمام ونوابه (خيرا جعل له وزيرا) من الوزر وهو الثقل لتحمله عن الملك أو من الوزير وهو الملجأ لاعتصامه برأيه والتجائه إليه أو من المؤازرة وهي المعاونة (صدق) أي صالحا صادقا في نصحه ونصح رعيته قال الطيبي: أصله وزير صادق ثم قيل وزير صدق على الوصف به ذهابا إلى أنه نفس الصدق ثم أضيف لمزيد الاختصاص بالقول ولم يرد بالصدق الاختصاص بالقول فقط بل بالأقوال والأفعال (إن نسي) شيئا من أحكام الشرع وآدابه أو نصر المظلوم أو مصلحة الرعية (ذكره) بالتشديد أي ما نسيه ودله على الأصلح والأنفع والأرفق (وإن ذكر) بالتخفيف أي الأمير واحتاج لمساعدة (أعانه) بالرأي أو اللسان أو البدن أو بالكل (وإذا أراد به غير ذلك) أي شرا ولم يعبر به استهجانا للفظه واستقباحا لذكره (جعل له وزير سوء) بالفتح والإضافة (إن نسي لم يذكره وإن ذكر لم يعنه) على ما فيه الرشد والفلاح بل يحاول ضده وذلك علامة سوء الخاتمة كما أن الأول علامة حسنها قال في الكشاف: والسوء الرداءة والقبح في كل شئ (تنبيه) قال الأحنف: لا يتم أمر السلطان إلا بالوزراء والأعوان ولا تنفع الوزراء والأعوان إلا بالمودة والنصيحة ولا تنفع المودة والنصيحة إلا بالرأي والعفاف وأعظم الأمور ضررا على الملوك خاصة وعلى الناس عامة أن يحرموا صالح الوزراء والأعوان وأن يكون وزراؤهم وأعوانهم غير ذي مروءة ولا حياء وقال ليس شئ أهلك للوالي من وزير أو صاحب يحسن القول ولا يحسن العمل وقال حلية الولاة وزينتهم وزراؤهم فمن فسدت بطانته كان كمن غص بالماء ولم يصلح شأنه (تتمة) أخرج البيهقي عن علي الجراح قال سألت أولاد بني أمية ما سبب زوال دولتكم قالوا خصال أربع أولها أن وزراءنا كتموا عنا ما يجب إظهاره لنا الثانية أن جباة خراجنا ظلموا الناس فرحلوا عن أوطانهم فخلت بيوت أموالنا الثالثة انقطعت الأرزاق عن الجند فتركوا طاعتنا الرابعة يئسوا من انصافنا فاستراحت نفوسهم لغيرنا. - (د هب عن عائشة) قال في الرياض رواه أبو داود بإسناد جيد على شرط مسلم لكن جرى الحافظ العراقي على ضعفه فقال ضعفه ابن عدي وغيره ولعله من غير طريق أبي داود.
397 - (إذا أراد الله بعبد شرا خضر) بمعجمتين كحسن لفظا ومعنى له في اللبن بفتح اللام وكسر الموحد مخففة جمع لبنة بفتح فكسر (والطين حتى يبني) أي حتى يحمله على البناء فيشغله ذلك عن أداء الواجبات ويزين له الحياة وينسيه الممات وقد أنشد بعضهم في المعنى:
وللموت تغذو الوالدات سخالها * كما لخراب الدهر تبنى المساكن ولم يذكر من آلات البناء إلا اللبن والطين لأنهما معظم آلات البناء التي يحصل بهما مسماه وما
(٣٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة