عداهما فمكملات وخص اللبن الذي هو الطوب النئ دون المحرق لأن عادة الحجاز في ذلك الزمن البناء به وهذا فيما لم يرد به وجه الله وإلا كبناء مسجد خالصا له فهو مثاب مأجور وفي غير ما لا بد منه لنفسه وممونة فمن بنى بيتا لهم بقدر الكفاية على الوجه اللائق به وبهم فليس بمذموم فلا يلحقه هذا الوعيد وسكت عن مقابله زيادة للتنفير به. (طب خط) في ترجمة علي بن الحسن المخزومي (عن جابر) قال الهيتمي ورجاله رجال الصحيح غير شيخ البخاري ولم أجد من ضعفه وقال المنذري رواه في الثلاثة بإسناد جيد انتهى، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فقد عزاه جمع لأبي داود من حديث عائشة قال العراقي واسناده جيد.
398 - (إذا أراد الله بعبد هوانا) أي ذلا وحقارة وفي رواية للطبراني سوءا بدل هوانا (أنفق ماله) أي أنفده وأفناه يقال نفقت الدراهم نفدت ونفق الشئ نفقا فنى وأنفقته أفنيته (في البنيان) أي في أجر الصناع ونحو ذلك (و) في (الماء والطين) إذا كان البناء لغير غرض شرعي أو أدى لترك واجب أو فعل منهي عنه أو زاد على الحاجة وذلك هو المتوعد عليه لأن الدنيا ليست بدار قرار ولا يعمرها إلا الأشرار ولهذا قال عيسى عليه الصلاة والسلام إنما هي معبرة فاعبروها ولا تعمروها، فإن قلت ما فائدة قوله في الماء والطين بعد قوله في البنيان وهلا اكتفى به؟ قلت: الظاهر أنه أراد بالبنيان أجرة أرباب الحرف كما تقرر وبالماء والطين ثمن المؤن ويكون المراد إنفاقه في أجرة البناء وفي آلاته. قالوا : ولا ينبغي لمن مر على بناء مزخرف مشرف أن لا ينظر إليه لأنه إغراء لبانيه وأمثاله على ذلك إذ هو إنما فعل لينظر الناس إليه قال في الكاشف: قد شدد العلماء من أهل التقوى في وجوب غض البصر عن أبنية الظلمة وعدد الفسقة في اللباس والمراكب وغير ذلك لأنهم إنما اتخذوا هذه الأشياء لعيون النظارة فالناظر إليها محصل لغرضهم وكالمغري لهم على اتخاذها (البغوي) أبو القاسم في معجمه (هب) وكذا الطبراني في الأوسط (عن محمد بن بشير الأنصاري) قال الهيتمي: رواه عنه ابنه يحيى إن صح (وماله غيره) وفيه سلمة بن شريح قال الذهبي مجهول (عد عن أنس) في ترجمة زكريا المصري الوقاد وقال يضع الحديث كذبه صالح وحرزه غيره انتهى وبه يعرف أن عزو الحديث له وسكوته عما أعله به غير صواب ولما عزاه الهيتمي إلى الطبراني قال فيه من لم أعرفهم.
399 - (إذا أراد الله بقوم سوءا) بالضم أي أن يحل بهم ما يسوؤهم (جعل أمرهم) أي صير الولاية عليهم وتدبير مملكتهم (إلى مترفيهم) أي متنعميهم المتعمقين في اللذات المنهمكين على الشهوات وذلك سبب الهلاك قال تعالى * (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها) (الاسراء: 16) الآية والمترف بضم الميم وفتح الراء المتنعم المتوسع في ملاذ الدنيا وشهواتها قال في الكاشف: الإتراف إبطار النعمة انتهى وذلك لأنهم أسرع إلى الحماقة والفجور وسفك الدماء وأجرأ على صرف مال بيت المال في حظوظهم ومآربهم غير ناظرين إلى مصالح رعاياهم * (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم)