فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ٣٥٦
431 - (إذا استلج) بتشديد الجيم استفعال من اللجاج وهو التمادي في الأمر ولو بعد تبين الخطأ وأصله الاصرار على الشئ مطلقا (أحدكم في اليمين) أي في الشئ المحلوف فيه سمي يمينا لتلبسه بها (فإنه آثم له) بالمد (عند الله من الكفارة التي أمر بها) قال الزمخشري: معناه إذا حلف على الشئ فرأى غيره خير منه ثم لج في إبرارها وترك الحنث والكفارة كان ذلك آثم له من أن يحنث ويكفره انتهى.
وقال القاضي: المراد إذا حلف على شئ يتعلق بأهله وأصر عليه كأن أدخل في الوزر وأفضى إلى الإثم من الحنث لأنه جعل الله لذلك عرضة الامتناع عن البر ومواساة الأهل والاصرار على اللجاج وقد نهي عن ذلك بقوله تعالى * (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم) * الآية قال: وآثم اسم تفضيل أصله أن يطلق للجاج الإثم فأطلقه للجاج الموجب للإثم اتساعا والمراد به أنه يوجب إثم كبير إثم مطلقا لأنه بالإضافة إلى ما نسب إليه من أمر مندوب لا إثم فيه وقيل معناه أنه إن كان يتحرج من الحنث والتأثم فيه ويرى ذلك فاللجاج إثم في زعمه وحسبانه إلى هنا كلام القاضي رحمه الله تعالى وقال النووي: معناه إذا حلف يمينا تتعلق بأهله وتضرر بعدم حنثه فالحنث ليس إثما فيحنث ويكفر فإن تورع عن الحنث فهو مخطئ فإدامة الضرر أكثر إثما من الحنث أي في غير محرم فقوله آثم خرج عن المفاعلة المقتضية للاشتراك في الإثم وتوهمه إذا توهم أنه يأثم عليه باللجاج أكثر لو ثبت الإثم، فهذا خلاصة ما للأئمة الأعلام في هذا المقام فلا يلتفت إلى ما وراءه من الأوهام (ه عن أبي هريرة) رمز المؤلف لحسنه ورواه عنه الحاكم وقال على شرطهما وأقره الذهبي ولعل المؤلف لم يستحضره حيث عدل في الأصل لرواية إرساله فعزاه للبيهقي عن عكرمة مرسلا.
432 - (إذا استلقى أحدكم على قفاه) أي طرح نفسه على الأرض ملصقا مؤخر عنقه وظهره بها لاستراحة أو نوم، والإلقاء الطرح والقفا مؤخر العنق (فلا يضع إحدى رجليه على الأخرى) حيث لم يأمن من انكشاف شئ من عورته كالمؤتزر فإن أمن كالمتسرول فلا بأس ولو في المسجد لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم فعله فيه كما رواه البخاري ومسلم وإنما أطلق النهي لأن الغالب فيهم الائتزار لا التسرول وهذا أولى من ادعاء أن الحديث المشروح منسوخ بحديث البخاري لأن النسخ لا يثبت بالاحتمال وإلى معنى ما تقرر أشار بعضهم بقوله وضع إحدى الرجلين على الأخرى نوعان أن يكون رجلاه ممدودتين فلا بأس بوضع إحداهما على الأخرى فإنه لا ينكشف من عورته شئ بهذه الهيئة وأن يكون ناصبا ركبة إحدى الرجلين ويضع الأخرى على الركبة المنصوبة فإن أمن من انكشاف عورته لكونه بسراويل أو لكون إزاره أو ردائه طويلين جاز وإلا فلا (ت عن البراء) بن عازب (حم عن جابر) بن عبد الله
(٣٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 351 352 353 354 355 356 357 358 359 360 361 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة